الأحد، 5 أبريل 2015

المنافقين هذه الفئة الخبيثة التي امتلأت قلوبهم غيظًا وحِقدًا على الإسلام وأهله

 

 

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.

 يقول الله عز وجل مخبرًا عن نبيِّه وخليله إبراهيم لمّا أنهى بناءَ البيت دعا لأهله فقال: رَبّ اجْعَلْ هَاذَا الْبَلَدَ ءامِنًا وَاجْنُبْنِى وَبَنِىَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ [إبراهيم:35].

 إنَّ قصصَ الأنبياء في القرآن جاءت للعِظة والاعتبار، لَقَدْ كَانَ فِى قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِى الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَاكِن تَصْدِيقَ الَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ الآية [يوسف:111].

 خليلُ الله إبراهيم قال: رَبّ اجْعَلْ هَاذَا الْبَلَدَ ءامِنًا ثم قال: وَاجْنُبْنِى وَبَنِىَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَام، فبدأ عليه السلام بسؤال الله الأمنَ لبيته الحرام؛ لأنَّ هذا الأمنَ إذا تحقَّق للمسلم عبَدَ الله على بصيرة، فعبادتُه لله وقيامه بحقِّ الله يتحقَّق له بتوفيقٍ من الله إذا حصلَ له الأمنُ والاستقرار.

بالأمن تُحفَظ الأعراض والأموال وتُحقَن الدماء. بالأمن تستقيم مصالحُ العباد في أمور دينهم ودنياهم. وهذه النّعمة لا يعرِف قدرَها إلا مَن فقدَها والعياذ بالله، ولا يقدِّر لها حقَّ قدرها إلا من عاش في ظلِّها، فيعرف لهذه النعمةِ مكانتَها. ولهذا امتنَّ الله على قريش بقوله: فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَاذَا الْبَيْتِ الَّذِى أَطْعَمَهُم مّن جُوعٍ وَءامَنَهُم مّنْ خوْفٍ [قريش:3، 4]، فلمّا آمنهم الله من المخاوف وأطعمَهم من الجوع أمرهم بعبادته؛ [ليحقِّقوا] شكرَ الله على نعمته بعبادته وحده لا شريك له الذي أطعمَهم من الجوع وأمَّنهم من الخوف. وذكَّرهم تلك النعمةَ وأنه جعل بيتَه الحرام آمنا: أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا ءامِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ [العنكبوت:67].

 إنَّ نعمة الأمن نعمةٌ عظيمة وفضل كبير من الله على العباد، ولكنّ هذه النعمةَ إنما تتحقَّق للعباد بالقيام بحقِّ الله جل وعلا، بتوحيده وعبادته وإخلاص الدين له، وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِى ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدّلَنَّهُمْ مّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِى لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئًا [النور:55]. فإذا حقَّق العباد عبادةَ الله وقاموا بها خيرَ قيام أمَّنَهم الله من المخاوف، وحقَّق لهم الأمنَ في الدنيا والأمن يوم لقائه.

ومِن أسباب الأمن تنفيذُ أوامر الإسلام والقيام بفرائض الإسلام والبُعد عمَّا نهى الله عنه، فمن حافظ على فرائض الإسلام وانتهى عمَّا حرّم الله عليه تحقَّق له الأمن في الدنيا والآخرة.

 ومِن أسباب الأمن البُعد عن مظالم العباد صغيرها وكبيرها، قال تعالى: الَّذِينَ ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ [الأنعام:82]، فلهم الأمن المطلق في الدنيا والآخرة، لهم الأمن في الدنيا، ولهم الأمنُ يوم لقاء الله، وَهُمْ مّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ ءامِنُونَ [النمل:89]. فإذا عدَل العباد فيما بينهم وارتفعت عنهم مظالم العباد ولم يظلم بعضهم بعضًا واحترم البعض البعضَ في الدّم والمال والعرض ساد الناسَ أمنٌ وطمأنينة؛ لأنّ الظلمَ ـ والعياذ بالله ـ بالتعدّي على النّاس، بنهب أموالهم، سفكِ دمائهم، انتهاك أعراضِهم، يجعلهم جميعًا في خوف ورُعب، والإيمانُ الحقيقيّ يدعو المسلم إلى احترام الدماء والأموال والأعراض، فإذا احتُرِمت هذه الأمور ساد الناسَ الأمنُ والطمأنينة وعرف كلٌّ الحقَّ الذي له والذي عليه؛ ولهذا في الحديث في وصف المؤمن: ((المؤمنُ من أمِنه الناسُ على دمائهم وأموالهم))(1)[1].

 إنّ من أسباب أمن المجتمع الأمرَ بالمعروف والنهيَ عن المنكر، فالأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر صمام أمانِ للأمّة، وسببٌ لاطمئنان النفوس واستقرارها، وسببٌ لعلوِّ الخير وظهوره، وسببٌ للبعد عن الشرّ والترفّع عن الرذائل. الأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر خلُق محمّد وسائر الأنبياء والمرسلين، يقول الله عن نبيه : الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِىَّ الأُمّىَّ الَّذِى يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِى التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ [الأعراف:157]، فمحمّد خير الخلق أمرًا بالمعروف، وخيرُ الخَلق نهيًا عن المنكر، أسبقُ الناس للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. أمتهُ جعلها الله خيرَ الأمم لأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110]، فالأمّة لا تكون خيرَ الأمم ولا أفضل الأمم إلا إذا قامت بهذا الخُلُق العظيم، فأمرَت بالمعروف الذي يحبّه الله ويرضاه، ونهت عن المنكر الذي يبغضُه الله ويكرهه. وربُّنا جلّ وعلا جعل هذا الخلَقَ العظيم لِصفوة الخلق، وَلْتَكُن مّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [آل عمران:104]، فأمر الله الأمّة أن تُهيِّئ لهذا الأمر العظيم من يقوم بهذه المهمّةِ الأمرِ بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنّ أولئك موصوفون بأنهم المفلحون: وَلْتَكُن مّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.

وجعل الله الأمرَ بالمعروف والنهي عن المنكر سببًا للنصر على الأعداء والتمكين في الأرض، وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِى الأرْضِ أَقَامُواْ الصلاةَ وَاتَوُاْ الزكاةَ وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ [الحج:40، 41]. ولعن الله من بني إسرائيل الذين عطَّلوا هذا الجانبَ العظيم: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِى إِسْراءيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذالِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ [المائدة:78، 79]. وجعله الله خُلقًا للمؤمنين: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [التوبة:71]. ونبيّنا يقول لمّا قرأ هذه الآية: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِى إِسْراءيلَ قال: ((كلا والله، لتأمرُنَّ بالمعروف، ولتنهونَّ عن المنكر، ولتأخُذنَّ على يد السفيه، ولتأطرُنّه على الحق أطرًا، أو ليوشكنَّ الله أن يضربَ قلوبَ بعضكم ببعض، ثم يلعنكم كما لعنهم))(2)[2].

 هذا الأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكر مسؤوليةُ كلِّ فرد منّا على قدر استطاعته، ((من رأى منكم منكرًا فليغيِّرهُ بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطعْ فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان))(3)[3].

تعطيلُ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سببٌ يمنِع إجابةَ الدعاء، يقول : ((مُروا بالمعروف وانهَوا عن المنكر قبل أن تدعُوا فلا يُستجاب لكم، وتستغفرون فلا يغفَر لكم))(4)[4].

 إنّ هذا الأمرَ العظيم الأمرَ بالمعروف والنهي عن المنكر خُلُق أهل الإيمان والإسلام، فالذي يكره هذا الأمرَ ويُبغض الأمرَ بالمعروف والنهيَ عن المنكر ويكون في صدره حرجٌ من هذا الجانب أو يعُدُّ الأمرَ بالمعروف والنهي عن المنكر كَبتًا لحريّات الناس وظلمًا لهم وسلبًا لحريّاتهم وخصوصيّاتهم ويرى أنّ تعطيل هذا الأمر هو إعطاءُ النفوس حُرّياتِها لتعمل ما تشاء لا شكَّ أنّ هذا تصوُّر خاطئ، ودليل على عمَى البصيرة، أَفَمَن زُيّنَ لَهُ سُوء عَمَلِهِ فَرَءاهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِى مَن يَشَاء [فاطر:8].

هذا الأمر العظيمُ واجبُ المسلم أن يعظِّم جانبَه، وأن يقفَ بجانبه؛ لأنَّ هذا الأمرَ بالمعروف والنهي عن المنكر يحفظ للناس أعراضَهم، ويحفظ دماءهم وأموالهم. إنّه هيبة للأمّة، ودليل على قوّتها وتمسّكها بدينها. فهذا المرفق العظيم لا يرتاب في أهمّيته ولا يرتاب في عظيم شأنه إلا مَن في قلبه مرضُ النفاق والعياذ بالله، ممَّن يحبّ المنكرَ ويألفه، ويحارب الحقَّ ويكرهه، في الحديث يقول : ((مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قومٍ استهموا سفينة، فكان بعضُهم أسفَلها وبعضهم أعلاها، فكان الذين في أسفلها إذا استقَوا صعدوا إلى من فوقهم، فقالوا: لو خرقنا في نصيبنا خرقًا، فأخذنا الماءَ ولم نؤذ من فوقنا))، فقال رسول الله : ((فإن تركوهم وما أرادوا غرقوا جميعًا، وإن أخَذوا على أيديهم نجَوا ونجوا جميعًا))(5)[5].

فشوُّ المنكرات وكثرتُها يهدِّد بعقاب الله، لمَّا قال النبي : ((فُتح اليومَ من ردم يأجوج ومأجوج هكذا وهكذا))، قيل: أفنهلك وفينا الصالحون؟! قال: ((نعم، إذا كثُر الخبَث))(6)[6]. فالأمر بالمعروف والنهيُ عن المنكر بضوابطه الشرعيّة والطرق الحكيمة التي أرشد إليها الشارع ليكون الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر على عِلم بما يأمر به وعلى عِلم بما ينهى عنه، يسلك كلَّ طريق يوصل إلى الحقّ، ويبتعد عن كلّ طريق ينفِّر عن الحقّ، ويكون هذا الآمر والناهي على عِلم وبصيرةٍ من أمره، متخلِّقًا بالخلق القويم، ممتَثِّلاً ما يأمر به قبلَ أن يأمرَ به، بعيدًا عمّا ينهى عنه قبل أن ينهى عنه، قائمًا بذلك خيرَ قيام، قصدُه الرحمة بالخلق والشفقةُ عليهم والإحسان إليهم وإنقاذهم من معاصي الله، فذاك الخلق العظيم، وهذا سبيلُ المرسَلين، دعوةٌ إلى الله وحثٌّ على الخير ونصيحة للأمة، ولكنَّ المصيبةَ من يرتاب في هذا الجانب، أو يعدُّ الأمر بالمعروف والنهيَ عن المنكر أمرًا قد انتهى دورُه، ولا ينبغي أن يكونَ له وجود بين الأمّة، فتراه يسخَر بالآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ويستهزئ بهم، ويبحث عسى أن يرى سلبًا أو عيبًا فيهم، ولو كان هذا العائبُ فيه من العيوب أضعاف أضعاف ذلك، لكن يتغاضى عن عيوبه، ويلصِق التُهمَ والعيوب بالآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.

ليس أحدٌ من الخلق معصومًا من الخطأ، ولكن المصيبةَ الإصرار على الخطأ بعد العلم به، أمّا الآمر بالمعروف الذي سلك في أمره ونهيه الطرقَ الشرعيّة فهو على خير وحماية للأمة وتأمين لها ودفاعِ عنها، فإن الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر متى ما استقامت حالهم، ومتى كان عندهم من العلم والبصيرة الأمرُ بالمطلوب فإنّهم حمايةٌ لمصالح الأمّة، ودفاع عنها، وردّ لكيد الكائدين ومن أُشربَت نفوسُهم حبَّ الشرّ والفساد.




 يقول الله جل وعلا في كتابه العزيز: إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَؤُلاء دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [الأنفال:49].

يخبرنا ربُّنا تعالى عن أقوال المنافقين الذين آمنوا بألسنتهم وكفروا بقلوبهم، يخبرنا عن هذه الفئة الخبيثةِ الذين يتربّصون بالمسلمين الدوائر، يخبرنا عن هذه الفئة الخبيثة التي امتلأت قلوبهم غيظًا وحِقدًا على الإسلام وأهله، لمَّا رأوا أصحابَ رسول الله وقلّةَ عددهم وضعفَ إمكانيّاتهم ومع هذا فهم أنصارٌ لدين الله، مجاهدون في سبيل الله، باذلون كلَّ غالٍ ونفيس في سبيل الدفاع عن الدين والقيَم والفضائل، لمّا رأوا تفانيهم في دينهم وجهادهم وجلادهم لعدوِّ الله وزهدهم في الدنيا ورغبتهم في الآخرة، قالوا: غرَّ هؤلاء دينُهم، يقولون: هؤلاء خدعهم الدين، هؤلاء اغترّوا بهذا الدين، هؤلاء صدَّقوا بالجنة والنار، هؤلاء فقرُ الدنيا عندهم دليلٌ على غفلتِهم، دليلٌ على انخداعهم، وأن كلاً يؤثِّر عليهم، وكلاً يستعملهم فيما يهوَى، فبلسان حالهم يقولون: هؤلاء اغترّوا بالدين، انخدعوا بأنّ هناك جنّة ونارًا، وأنّ هناك جزاءً وحسابًا، وأن وأن... وإلى آخره. لماذا؟ لأنّهم رأوا قومًا جاهدوا في الله حقَّ جهاده، رأوا قومًا امتلأت قلوبهم بهذا الدين، بمحبة الله ورسوله والجهادِ في سبيله.

 يقول بعضُ السلف: من أسرَّ سريرةً ألبسه الله ردَاءها علانية، إنْ خيرًا فخيرًا، وإن شرًا فشرًا، والله من وراء قلب كلِّ قائل ولسانه.

 كم نسمع في هذه الأيام، وكم نقرأ ما يُنشر مِن سخريّة بالإسلام وأهله، واستهزاء بأهل الدين، وسخريّة بهم، وحطٍّ من قدرهم، لمّا رأوا تسلُّط الأعداء على المسلمين وحرصَهم على إضعاف كيان الأمة نسبُوا كلَّ العيب والخطأ إلى من انتسب للإسلام، فترى أولئك تنطِق ألسنتهم وتخطُّ أقلامهم أمورًا خطيرة، يصوِّرون أهلَ الإسلام بأنّهم الإرهابيّون، وبأنّ كلَّ مَن وفَّر لحيتَه دليل على خُبث قلبه، وأنّ كلَّ من صلّى وصام ودعا إلى الإسلام دليلٌ على تأخّره ورجعيّته، وأنّ كلَّ من كتب كتابةً يناضل عن الإسلام وقيَمه وفضائله وصفُوه بما يصفونه به من صفاتِ الذمّ والنقص، تشابهت قلوبهم مع سلفهم من المنافقين، واتّفقت كلمتهم مع سلفِهم من أعداء الدين.

 اتَّق الله في نفسك، اتَّق الله أن تزلّ قدمك بأمرٍ تندم عليه ولا ينفعك الندم. اعلم أنّ الله سائلك عمَّا تفوّه به لسانك، وعمّا خطّته يداك، فاتَّق الله، تأمَّل قولَه: مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18]، وتأمّل قوله: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [النور:24].

بعضٌ من هؤلاء هاجَموا علماءَ الإسلام السّابقين، وطعنوا في علماء الأمّة وقادة العلم والخير والفضل، لماذا طعنوا فيهم؟ لأنّ منهجَهم الذي هم عليه والذي تسير الأمّة عليه منهج إسلاميّ صحيح، وهم لا يرضَون بذلك. الواحدُ منهم يصوِّر المتمسِّك بالسنّة أنّه رجلُ القتل وسفك الدماء، ويصوِّر المتمسّك بالسنّة أنّه عدوٌّ للأمة، وأنّه مفسِد في الأرض، ويأبى الله ذلك.

إنّ الإيمان الصحيحَ الصادق يدعو أهلَه إلى التمسُّك بالدين والمحافظة عليه. إنّ المتمسّكَ بهذا الدين يعلم حقًا أنّ سفك الدماء المعصومة وتدمير الأموال وانتهاك الأعراض أمرٌ مرفوض، يرفضه لا لهوًى ولا لدنيا، ولكن شرعٌ آمن به واقتنع به، هو آمن بالله وآمن برسوله، فهو يدافع عن دينه عن عقيدة، لا عن هوى ولا عن دنيا يريدها. فأولئك الذين سلَّطوا أقلامَهم على الإسلام وتعاليمه وعلى مبادئه ونُظُمه وعلى أخلاقه وفضائله قومٌ ما بَين جاهلٍ مركّب لا يدري ما يقول ويهذي بما لا يدري، أو بين منافق لا إيمانَ له، فليتَّق المسلمون ربَّهم، وليتوبوا إلى ربّهم. قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال النبي : ((قال الله: من ذا الذي يتألّى عليَّ أن لا أغفرَ لفلان، قد غفرتُ له، وأحبطتُ عملك))(7)[1]، قال أبو هريرة: تكلّم تكلمةٍ أوبقت دنياه وآخرته(8)[2]. في عهد النبي جماعة من المنافقين قالوا في النبيّ وأصحابه: ما رأينا مثلَ قرّائنا هؤلاء، أرغبنا بطونًا، أكذبنا ألسنةً، أجبننا عند اللقاء، فأنزل الله: وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَءايَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:65، 66](9)[3].

 قد تعيب إنسانًا في تصرّفه، لكن يجب أن تفرّق بين الشّخص وبين دينه، فإذا عِبتَ شخصًا ما وإن كان العيبُ محرّما بلا شكّ، لكن لا يجوز أن تتعدّى فتنسب العيبَ إلى الإسلام وأهلِه، والنبيّ قال في الغيبة: ((ذكرك أخاك بما يكره))(10)[4]، لكن المصيبة أن يعيبَ الإنسانَ لدينه، لتمسّكه بإسلامه، لمحافظته على سنة نبيّه ، فليحذَر المسلمون هذا، وليتَّق الكتّاب ربَّهم، وليراقبوه فيما بينه وبينهم، فإنَّ العبدَ إذا اتَّقى الله وتصوّر الأمورَ على حقيقتها دعاه ذلك إلى التوقّف، وفي الحديث: ((وهل يكبّ الناسَ في النار على وجوههم ـ أو قال: على مناخرهم ـ إلا حصائدُ ألسنتِهم؟!))(11)[5]، وفي الحديث أيضًا: ((إنّ العبدَ ليتكلّم بالكلمة من سخطِ الله ما يظنّ أن تبلغَ ما بلغت يكتب الله له بها سخطَه إلى يوم يلقاه))(12)[6].

الذين ينادون بتهميش جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أهؤلاء [يقصدون] خيرًا؟! هؤلاء مفسدون. الذين يطالبون الأمّة بأن تتراجع عن دينها وأن تربّي أبناءها على غير منهج الله، أهؤلاء هم [المصلحون]؟! إنّ فيهم نفاقًا وشرًّا. وهذه الأمّة ولله الحمد لن تزال باقية معظِّمة لهذا الجانب العظيم جانبِ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجانب التمسّك بهذه الشريعة.


اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين...

__________

(1) جزء من حديث أخرجه أحمد (2/379)، والترمذي في الإيمان (2627)، والنسائي في الإيمان (4995) عن أبي هريرة رضي الله عنه، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، وحححه ابن حبان (180)، والحاكم (22)، وهو في صحيح سنن الترمذي (2118).

(2) أخرجه أحمد (1/391)، وأبو داود في الملاحم (4336)، والترمذي في التفسير (3047)، وابن ماجه في الفتن (4006) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب"، وقد اختلف في إرساله ووصله، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (1105).

(3) أخرجه مسلم في الإيمان (49) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

(4) جزء من حديث أخرجه الطبراني في الأوسط (1367)، وأبو نعيم في الحلية (8/287) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وعزاه المنذري في الترغيب (3/162) للأصبهاني وأشار إلى ضعفه، وقال الهيثمي في المجمع (7/266): "فيه من لم أعرفهم"، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (2092). وجاء نحوه من حديث عائشة رضي الله عنها، أخرجه أحمد (6/159)، والبخاري في التاريخ الكبير (2092)، وابن ماجه في الفتن (4004)، والطبراني في الأوسط (6665)، والبيهقي في الكبرى (10/93)، وصححه ابن حبان (290)، وهو عندهم جميعا حديث قدسي إلا ابن ماجه، قال الهيثمي في المجمع (7/266): "رواه أحمد والبزار، وفيه عاصم بن عمر أحد المجاهيل"، وقال الألباني في صحيح الترغيب (2325): "حسن لغيره".

(5) أخرجه البخاري في الشركة (2493) من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.

(6) أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء (3346)، ومسلم في الفتن (2880) من حديث زينب بنت جحش رضي الله عنها.

(7) أخرجه مسلم في الأدب (2621) من حديث جندب رضي الله عنه.

(8) كلام أبي هريرة هذا قاله بعد حديث آخر أخرجه أحمد (2/323)، وأبو داود في الأدب (4901)، والبيهقي في الشعب (6689) عن أبي هريرة وفيه قصة الرجلين المتواخيين من بني إسرائيل، وصححه ابن حبان (5712)، وحسنه ابن أبي العز في شرح الطحاوية (ص319)، ووافقه الألباني.

(9) أخرجه الطبري في تفسيره (14/ 333) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى.

(10) أخرجه مسلم في البر (2589) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(11) أخرجه أحمد (5/231)، والترمذي في الإيمان، باب: ما جاء في حرمة الصلاة (2616)، والنسائي في الكبرى (11394)، وابن ماجه في الفتن، باب: كفّ اللسان في الفتنة (3973) من حديث معاذ رضي الله عنه، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، وصححه الحاكم (2/447)، وهو في صحيح سنن الترمذي (2110)، وانظر: السلسلة الصحيحة (1122).

(12) أخرجه مالك في الموطأ (1848)، وأحمد (3/469)، والترمذي في الزهد (2319)، وابن ماجه في الفتن (3969) من حديث بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه، وقال الترمذي: "وفي الباب عن أم حبيبة، وهذا حديث حسن صحيح"، وصححه ابن حبان (281)، والحاكم (1/107-108)، وهو في السلسلة الصحيحة (888).

(1/2787)


السبت، 4 أبريل 2015

الناشئةُ في بكور حياتِها ديوانٌ مفتوح وسجلّ ناصع

 

 

الحمد لله على إحسانه، والشّكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبيّنا محمّدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه.

 لقد خلق الله عبادَه على الفطرة السليمة السويَّة، وبعث الرسلَ لتقريرها وتكميلها، والناشئةُ في بكور حياتِها ديوانٌ مفتوح وسجلّ ناصع، تتلقَّى ما يرد عليها من حقٍّ أو باطل، أرضٌ تُنبِت أيَّ غراس من صحيح العقائد وفاسدِها، ومن مكارم الأخلاق ومساوئها، ((كلُّ مولود يولَد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه))(1)[1].

وعقولُ الشباب هدفٌ لأعداء المسلمين الذين تنوّعت وسائلهم ليوقِعوا الشبابَ في شَرَكهم، وليزجُّوا بهم في وَحل الفتن تارة، ويلقوا عليهم الشبهاتِ تارةً أخرى، ليردّوهم ويورِدوهم مستنقعَ الهوى والشّهوات، ويغرِقوهم في الملهيات والمحرّمات، ولا أنفعَ بإذن الله للشباب من التحصُّن بعلم الشريعة، يزيدُ الإيمان، وينير البصيرةَ، ويهذِّب النفس، ويرفع عن دنيء الأفعال، طالبُه منظومٌ في سِلك العظماء، يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [المجادلة:11]. سلوكُه توفيقٌ للخلود في الجِنان، والخلق عنهم راضون، ولصنيعهم مستغفِرون، والملائكة لمجالسةِ أهله راغبون.

ومِن تعظيم الشريعة والدّين تعظيمُ العلماء، فهم خلَف أنبياء الله في دعوتِهم، قال عليه الصلاة والسلام: ((وإنَّ العلماءَ ورثة الأنبياء)) رواه أحمد(2)[2]. حقٌّ علينا تبجيلُهم وتوقيرهم، وعلى هذا سارَ أسلاف هذا الدين، يقول الربيع بن سليمان: "ما اجترأتُ أن أشربَ الماء والشافعيّ ينظر إليَّ هيبةً له"(3)[3]. سؤالُهم عِلم، ومجالستهم سعادة، ومخالطتهم تقويمٌ للسّلوك، وملازمتُهم حفظٌ للشباب بإذن الله من الزّلل، يقول ميمون بن مهران: "وجدتُ صلاحَ قلبي في مجالسة العلماء"(4)[4].

ثمرةُ مجالسة العلماء ليست في التزوّد من العلوم والمعارف فحسب، بل الاقتداء بهم في الهدي والسّمت وعلوّ الهمّة ونفع الآخرين علمٌ آخر نحتاج إليه، وبُعد ناشئة المسلمين عنهم يؤدِّي إلى تخبُّطِ في طلب العِلم وإعجابٍ بالرّأي وقلّة في التعبّد.

وواجبٌ على الشباب البعدُ عن مواطن الفتَن والشّبهات والشهوات، ونبيُّنا محمّد تعوَّذ من الفتن(5)[5]، وأمر أصحابَه بالتعوّذ منها(6)[6]، ومن مدَّ عينيه إلى الفتن وأرخى سمعَه لها وقع فيها، يقول عليه الصلاة والسلام عن الفتن: ((ومن استشرف إليها ـ أي : تطلَّع إليها ـ أخذته)) رواه البخاري(7)[7].

والإسلامُ الحنيف جاء بلزوم النورَين الكتابِ والسنّة، ونهى عن ضدِّهما ممَّا يورث القلبَ الفساد، والشبهةُ إذا وردت على القلب ثقُل استئصالُها، يقول شيخ الإسلام رحمه الله: "وإذا تعرَّض العبد بنفسه إلى البلاء وكَله الله إلى نفسه"(8)[8].

والتقصيرُ في أداء الواجبات والوقوع في المحرّمات وتشبُّث الناشئ بالفضائيّات ولهثُه وراءَ المنكرات بوَّابةُ فسادٍ للأخلاق ودنَس السلوك ومرتَعٌ للأفكار المنحرفة، والقلبُ إذا أظلم بكثرة المعاصي ثقُل عليه أداء المعروف، وسهُل عليه قبول المنكَر.

وتشكيكُ الناشئةِ في المناهج الدّراسيّة يُضعِف همَّتهم في التحصيل وأخذِ المعارف منها، ومتغيِّرات الزمان وتوالي الحوادِث وتعاقُب الأحداث وحلول الفِتن يُحتِّم تكثيفَ المناهج الدينيّة والتوسُّع فيها والبسطَ في شرحها وتسهيل فهومِها للناشئة، مع عدم إثقال كاهلِ الطّلاب بكثرة المواد غيرِ الدينيّة التي يغني بعضُها عن بعض، فالحاجة مُلحَّة إلى أمور الشريعة.

وبهذه المناهج المرتكزة على الدّين والعمل بالعلم أصبحت هذه البلاد بحمد الله تزخَر بالعلماء الذين يفهَمون أحكامَ الشريعة، ويُرجَع إليهم في الفتوى والمسألة، واكتسَبوا الثقةَ والتبجيلَ في التوجيه والإرشاد والدّعوة، وبفضلٍ من الله استوزَر ممَّن درس هذه المناهجَ الوزراء الناصحون، وبرع المستشارون المؤتمَنون، وتأدَّب الأدباء المثقَّفون، وبرز الصحفيّون الإعلاميّون، ونبغ الأطبَّاء الحاذقون، وتألّق الاقتصاديّون العارفون، وتخرّج منها مَن أسهَم في بناء وتنميَة الحضارة ومقوّمات الحياة في المجتمعات، ومِن الوفاء الثناءُ على المناهِج التي كان ثمرةَ علومها.

 الإعلام نافذة واسعةٌ على المجتمع، والشّباب بحاجةٍ إلى نصيبٍ وافر منه في التوجيه والإرشاد وفي النّصح والفتوى، والتعرّض للدين المتين باللّمز أو لأهله بالسّخريّة والغَمز يوغِر الصدورَ ويؤجِّج المكامن، والثناءُ على الناشِئة واحتواؤهم وتوجيههم طريقٌ قويم يُسلَك حمايةً للشّباب لئلا يتَلقَّفهم الأعداء بحلاوة اللسان وحُسن البيان.

والقرآن العظيم كلام ربِّ العالمين، بتِلاوته تتنزّل السكينة، وبتدبُّره يزيد الإيمان، نورٌ يُبدِّد الظلمات، قال سبحانه: قَدْ جَاءكُمْ مّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ [المائدة:15]. وانتشار حلقات القرآن الكريم في بيوتِ الله في هذه البلاد ورعايةُ ولاّة الأمور لها أمرٌ يدعو إلى الفخر والاعتزاز، ولقد صان الله بها كثيرًا من الناشئة عن الانحراف، وحفِظ الله بها الدين، كَم انتفع بها من يتيم، وكم أسدَت للناشئة من معروف، وكم أوصدَت من أبواب الشرور، وكم وسَّعت من مدارِك، وكم فتحَت من آفاق، والقرآن الكريم أصلُ العلوم وأسُّها، ومنه تُؤخَذ الآداب والأخلاق. وتوجيهُ الآباء أبناءَهم لحفظ كتاب الله حفظٌ لهم من الشرور والفتن، وحصنٌ من توغُّل الأفكار المنحرفة إلى عقولهم.

والفراغ عامِل من عوامل الانحرافِ الفكريّ والسلوكيّ والأخلاقيّ، كما أنَّ الملهيات الحضاريّةَ المحظورة والمحطّات الفضائيّة لها قِسط مظلمٌ في انحراف الأفكار وتلويث المعتقدات وتسميم العقول من المتربِّصين بالشباب، والأبُ الحاذق من يمنع دخولَ تلك المحطّات والملهيات إلى داره قبل أن تذرف منه دمعة الحزن والأسى، وقبل أن يُفجَع بخبر فاجع.

 الفجوةُ بين الوالد والولد عامِل من عوامل حَجب الابن عن إظهار مكنون صدره لوالدِه، فيبوح بما في سريرته إلى غير والده ممَّن قد لا يُحسن التربيةَ والتوجيه، ولا يحمِل له المودَّة والشفقة، وقربُ الأب من أبنائه والتبسُّط معهم في الحديث ومبادلة الرأيِ من غير إخلالٍ باحترام الوالدين سلامةٌ للأبناء وطمأنينة للآباء وقاعدةٌ في تأسيس برّ الوالدين.

والجليس سببٌ في الإصلاح أو الإفساد، ورُسُل الله عليهم الصلاة والسلام عظَّموا شأنَه، فنبيّ الله عيسى عليه السلام يقول: من أنصاري إلى الله؟ ونبيّنا محمّد اتّخذ له صاحبًا مُعِينًا له على طريق الدعوة، يقول عليه الصلاة والسلام: ((لو كنتُ متَّخِذًا من أمّتي خليلا لاتَّخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخي وصاحبي))(9)[9]، وعائشة رضي الله عنها تقول: لم أعقِل إلا وأبويَّ يدينان الدين، وكان النبيّ يأتينا وهو بمكّة أوّلَ النّهار وآخره(10)[10].

الجليس الصّالح يهديك للخير، يذكِّرك إذا نسيت، ويحضُّك إذا غفَلتَ، يُظهر ودَّك إذا حضرت، ويحفظُك إذا غِبت. ورفيقُ السّوء يجري خلفَ ملذاتِه وأهوائه، وإذا انقضت حاجتُه منك نبَذك، من كلّ شرٍّ يدنيك، وعن كلّ خير ينأى بك، على أمور الدنيا لا يُؤمَن، وفي الآخرة تندَم على مصاحبتِه، قال جلّ وعلا: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يالَيْتَنِى اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ياوَيْلَتَا لَيْتَنِى لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَنًا خَلِيلاً [الفرقان:27، 28]. فجالِس الصالحين واشرُف بصحبتِهم، وابتعِد عن مصاحبة من يسوؤك في دينك ودنياك.

للمرأة دورٌ مكين في الرعاية والتوجيه، وإذا تخلَّت المرأة في دارها عن مسؤوليّتها وأخْلَت مسكنَها من نفسِها بكثرة خروجِها من منزِلها لم يجِد الأبناء حنانَ الأمومة وعطفَ الحانيَة، ولا يجدون في المسكَن معهم سِوى مَن هو مِن غير جنسِهم مِن الخدم، فيفقِدون عطفَ الوالدَة ورأفة المُشفِقة، فلا يمنَعهم ذلك للتوجّه إلى من يتلقَّفهم بمخدوع الحديثِ وأماني المستقبل، والإسلامُ ألقى على الأمِّ مسؤولية كبيرةً مشرِّفة، يقول عليه الصلاة والسلام: ((والزوجة راعيةٌ ومسؤولة في بيت زوجها))(11)[11].

مِن أحضان المرأة تخرَّج العلماء وبرز النّبلاء، ولا أعظم تكريمًا للمرأة ولا أنبلَ تبجيلاً لمكانتِها من إسداء مسؤولية العقول إليها في دارها، فواجبٌ عليها القيام بأعباء تكاليفها لئلاّ تذرف الدمعَ على أولادِها، وعليها عدمُ الإصغاء إلى أبواقٍ تدعوها إلى الخروج من مملكتِها وإهمال أولادِها.




 الأسرة مرتَكَز قويمٌ بالإسلام، في ظلِّها تلتقِي النفوس على المودّة والرحمَة والعفوِ والمحبّة، وقد أقسَم الله في كتابه بالأولاد والآباء فقال جلّ وعلا: وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ [الولد:3]، والعناية بصلاحِهم مَسلكُ الأخيار، وباستقامتِهم بهجَة الآباء والأمّهات، رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْواجِنَا وَذُرّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا [الفرقان:74].

وأوّل لبنةٍ في بناء الأبناء غرسُ مراقبةِ الله في نفوسهم، يقول النبي لابن عبّاس وهو غلام: ((يا غلام، احفَظ الله يحفظك، احفَظ الله تجدْه تجاهك))(12)[1]. وهم بحاجةٍ إلى التربيّة على المعرفةِ بالعلوم واغتِنام الأوقَات، يقول عليه الصلاة والسلام: ((احرِص على ما ينفعُك))(13)[2].

وعلى الوالِد أن يسعَى لجلبِ ما ينفع أبناءَه، وإبعادُ ما يضرّهم، واختيارُ الرفقةِ الصالحين لهم، وإنَّ حُسن تنشئتهم مرتبطٌ باستمساك والديهم بدينهم، وكلّما استقام الوالدان اقتدى بهم الأبناء وكانوا بمنجاة من عواملِ الضياع وأسباب الضّلال.

واعلم ـ أيّها الابن ـ أنّ أمَلَ والدَيك أن تكونَ ممَّن سِيَرهم فاضلة وأخلاقهم سامِية، مع الاستقامة والبُعد عن الرذائل والمهالك، وأن لا تقعَ فريسةً للانحراف، أو أسيرًا للملذّات والشّهوات، فلا تضيِّع أملك وأملَهم أمام لحظةٍ من شهوة أو ساعة من غفلة، وعليك بانتقاء الأصحابِ في المخالطة والمؤانسة، والزَم صحبةَ العلماء، وجالس الصالحين، تجنِي سعادةَ الدنيا والآخرة.

ثمّ اعلَموا أنّ الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيه فقال في محكم التنزيل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].

اللهمَّ صلِّ وسلِّم على نبيّنا محمّد، وارض اللهمّ عن خلفائه الراشدين...

__________

(1) أخرجه البخاري في الجنائز (1385)، ومسلم في القدر (2658) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2) أخرجه أحمد (5/196)، وأبو داود في العلم، باب: الحثّ على طلب العلم (3641)، والترمذي في العلم، باب: ما جاء في فضل الفقه على العبادة (2682)، وابن ماجه في العلم، باب: فضل العلماء (223) من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، وفي سنده اختلاف، وصححه ابن حبان (88)، والألباني في صحيح الجامع (6297).

(3) أخرجه البيهقي في المدخل (684)، وانظر: تهذيب الأسماء للنووي (1/84).

(4) أخرجه أبو نعيم في الحلية (4/85).

(5) أخرج أحمد (1/292) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي كان يتعوّذ في دبر صلاته من أربع يقول: ((أعوذ بالله من عذاب القبر، وأعوذ بالله من عذاب النار، وأعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأعوذ بالله من فتنة الأعور الكذاب))، وأخرجه مسلم في المساجد (590) بنحوه.

(6) أخرج مسلم في كتاب الجنة (2868) عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي قال: (( تعوّذوا بالله من الفتن، ما ظهر منها وما بطن)).

(7) أخرجه البخاري في الفتن (7081)، ومسلم في الفتن (2886) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بنحوه.

(8) مجموع الفتاوى (10/577).

(9) أخرجه البخاري في الصلاة (466)، ومسلم في الفضائل (2382) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. وجاء من حديث ابن عباس وجندب وابن مسعود وأبي هريرة رضي الله عنهم.

(10) 10] أخرجه البخاري في الصلاة (476).

(11) 11] أخرجه البخاري في الجمعة (893)، ومسلم في الإمارة (1829) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

(12) أخرجه أحمد (1/293)، والترمذي في صفة القيامة (2516) عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، وصححه الضياء المقدسي في المختارة (10/25)، وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (1/460-461): "روي هذا الحديث عن ابن عباس من طرق كثيرة... وأصح الطرق الطريق التي خرجها الترمذي"، وصححه الألباني في صحيح السنن (2043).

(13) أخرجه مسلم في القدر (2664) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(1/2789)

الصلاة على وقتها من أحبِّ الأعمال إلى الل

 

 

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.

 إنَّ من حكمةَ الربِّ جلّ جلاله أن جعل للصلوات الخمس أوقاتًا افترضَ على المسلمين أداءَ الصلاة في تلكم الأوقات، وجعل هذا الوقتَ شرطًا لصحَّة الصلاة، فأيُّ صلاة وقعت قبل وقتها فإنَّ هذه الصلاةَ غيرُ مقبولة إلا بُعذر شرعيّ، وجمعٌ من العلماء قالوا: من أخَّر الصلاة عن وقتها بلا عذر لم يجزه أداؤها، فقد ارتكب إثمًا كبيرًا وجُرمًا عظيمًا.

 إنَّ الله جلّ وعلا أوجب علينا أداءَ الصلاة في تلكم الأوقات لحكمةٍ عظيمة، قال تعالى: فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصلاةَ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصلاةَ إِنَّ الصلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا [النساء:103]، أي: مقدَّرة في الوقت، وقال تعالى: أَقِمِ الصلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ الَّيْلِ وَقُرْءانَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْءانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا [الإسراء:78]، أَقِمِ الصلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ يشمل وقتَي الظهر والعصر، إِلَى غَسَقِ الَّيْلِ يشمل المغربَ والعشاء، وَقُرْءانَ الْفَجْرِ صلاة الفجر، إِنَّ قُرْءانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا.

ونبيُّنا يقول: ((خمسُ صلوات افترضهنّ الله على العباد، فمن أحسن وضوءَها وأتمَّ ركوعَها وخشوعَها كان على الله عهدٌ أن يدخلَه الجنّة، ومن لم يحافِظ عليها لم يكن له عند الله عهد، إن شاء غفَر له وإن شاء عذَّبه))(1)[1].

 الصلاة على وقتها من أحبِّ الأعمال إلى الله، سأل عبد الله بن مسعود النبيَّ قائلا: يا رسولَ الله، أيُّ الأعمال أحبّ إلى الله؟ قال: ((الصلاة على وقتها))، قال: ثمّ أيّ؟ قال: ((برّ الوالدين))، قال: ثمّ أيّ؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله))، قال عبد الله: حدّثني بهنَّ رسول الله ، ولو استزدتُه لزادني(2)[2].

 أداؤك الصلاةَ في وقتها يجعلك من أهل الخير والصلاح، دخل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما المسجد، فرأى الجماعة يصلّون، فقال: أبشِروا، ليس فيكم من بَعث النّار أحد، ثم تلا قولَ الله جلّ وعلا: مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلّينَ [المدثر:42، 43]، بمعنى أنَّ أداءَكم للصّلاة في الوقت أمانٌ لكم من عذاب الله بتوفيقٍ من الله وفضل.

 إنّ وقتَ الصلاة قد عظَّمه الله في كتابه، عظَّمه نبيُّكم في سنّته، فعظِّموا ما عظَّم الله، فإنَّ تعظيمَه من شعائر الله، ذالِكَ وَمَن يُعَظّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32].

 إنَّ نبيّنا كان يعظّم وقتَ الصلاة حقَّ التعظيم، شغله المشركون يومَ الأحزاب عن صلاة العصر حتّى غربتِ الشمس، فقال: ((شغلونا، ملأ الله قبورهم وبيوتَهم نارًا، كما شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر حتّى غربت الشمس))، ثم قام فصلى العصر، ثم صلّى بعدها المغرب(3)[3].

 إنّ الله جلّ وعلا ألزم المسلمين بالمحافظة على الوقت حتّى في شدَّة الخوف ومصافَّة العدوّ، ففي إحدى مغازي النبيّ وهو مصافّ للعدوّ حضر وقتُ الصلاة، فقال المشركون: إنّها تحضرهم صلاة هي أحبُّ إليهم من أنفسهم وأهليهم وأموالهم، فإذا دخلوا فيها فباغتوهم، فأنزل الله صلاةَ الخوف، فكان يصلِّي بأصحابه صفًّا وراءه وصفّا تجاه العدو، فإذا قضى أولئك ركعة أتمُّوا لأنفسهم، ثمّ أتى الآخرون فأتمُّوا معه ركعة(4)[4]، كلّ ذلك حفاظًا على الوقت ورعايةً لجانب الوقت.

 إنّ أداء الصلاة في وقتها عنوانُ الهدَى والبراءة من النّفاق وعلامة التوفيق، يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (من سرَّه أن يلقى الله غدًا مسلمًا فليحافظْ على هذه الصلوات حيثُ ينادى بهنّ، فإنّ الله شرع لنبيّكم سنَنَ الهدى، وإنّهنّ من سنن الهدى)(5)[5].

 إنّ تأخيرها عن وقتها علامة النفاق، فالمنافقون الذين لا إيمان في قلوبهم لا يبالون بهذه الفريضة، أدَّوها في وقتها أم خرج وقتها، قال الله تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصلاةِ قَامُواْ كُسَالَى [النساء:142]، قال الله جلّ وعلا: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ الصلاةَ وَاتَّبَعُواْ الشَّهَواتِ [مريم:59]، فسَّر أصحاب رسول الله إضاعةَ الصلاة بأنَّ ذلك تأخيرُها عن وقتها؛ إذ تركُها بالكلِّية كفرٌ والعياذ بالله، قال الله جل وعلا: فَوَيْلٌ لّلْمُصَلّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4، 5]، فسَّرها الصحابة بأنَّ هذا السّهو هو عدمُ فِعل الصلاة في وقتِها.

 إنّ وقتَ الصلاة من حِكَمه ارتباطُ العبد دائمًا بطاعة الله، فإنّها خمسُ صلوات في اليوم والليلة، فأداؤها في هذه الأوقات تجعل العبدَ دائمًا على صلةٍ بربّه وارتباط قويٍّ بطاعة ربّه، تذكِّره الانتظامَ والالتزام بالوقت.

 أداؤك لها في الوقت سببٌ لمغفرة الذنوب واستغفار الملائكة لك وشهادتهم لك بالخير، يقول : ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكةٌ بالنهار، فيجتمعون في صلاة العصر وصلاةِ الفجر، فيصعَد الذين باتوا فيكم إلى ربّهم، فيسألهم وهو أعلم: كيف تركتم عبادي؟ قالوا: تركناهم وهم يصلّون، وأتيناهم وهم يصلّون))(6)[6]، فهنيئًا لك ـ أيها المسلم ـ وأنت تؤدِّي هذه الفريضة في وقتها المحدّد شرعًا، لتنالَ هذا الثواب العظيم.

 مِن الأسف الشديد أنّ البعضَ من إخواننا المسلمين ـ هدانا الله وإياكم صراطه المستقيم ـ استخفّوا بأوقات الصلوات، ولم يبالوا بها، ولم يقيموا لها شأنًا. ترى الواحدَ منهم لو اهتمَّ بسفره في وقتٍ ما وساعة ما لاستيقظ قبل ميعاد السفر بوقتٍ يضمَن فيه المحافظةَ على وقت السفر، تراه أحيانًا لو عِنده مواعيد مع طبيب لكان مسارعًا لذلك، ولو عنده موعدٌ لِتناوُل العلاج لكان محافظًا على هذا أشدَّ المحافظة، فما بالك ـ أيّها المسلم ـ بأوقات الفريضة؟! كيف تتهاون بها وتضيِّعها؟! البعضُ من إخواننا قد لا يصلِّي الفجرَ إلا بعد طلوع الشمس، وبعضهم ربَّما نام العصر فلم يصلِّ إلا بعد المغرب إلى غير ذلك من هذا التهاون والكسل وعدم المبالاة بوقت الصلاة، فاحذَر ـ أيّها المسلم ـ من هذه الخصال الذميمة، فإنّ من العلماء من يقول: الصلوات الخمس محدَّدة في الوقت، فكما لا تصحّ قبلَه فإنها لا تجرئ بعده إلا لعذر شرعيّ، يقول : ((من نام عن صلاةٍ أو نسيَها فليصلّها إذا ذكرها، لا وقتَ لها إلا ذلك))(7)[7]، ويقول: ((إنَّما التفريط في من ضيَّع صلاة حتى دخل وقت الأخرى))(8)[8].





 الوقت للصلاة شرطٌ لصحّتها، الوقت من أهمِّ شروطها، مقدَّمٌ على سائر الشروط، فالعناية به والاهتمام به أمر مطلوب شرعًا.

 اهتمَّ بوقت الصلاة، واعتنِ بوقت الصلاة، واعلَم أنَّ تأخيرَها عن وقتها خُلُق المنافقين، يقول : ((تلك صلاة المنافق، يرقُب الشمسَ حتى إذا كانت بين قرنَي شيطان نقر أربعًا، لا يذكر الله فيها إلا قليلا))(9)[1].

 من عناية الشارع بوقت الصلاة أنّه شرع لأهل الأعذار الجمعَ بين الصلاتين ليكون أداؤهما في وقتِ إحداهما وقتًا للجميع، فرخَّص للمسافر الجمعَ بين الظهر والعصر والجمعَ بين المغرب والعشاء لعذر السفر، فنبيّنا كان يجمع في السفر، سواء جَدَّ به السير(10)[2] أو كان نازلا كما جمع وهو نازل بتبوك(11)[3]، وكان من هديه في سفره أنّه إذا أنشأ السفرَ قبل دخول وقت الظهر أخَّر الظهر وصلاّها مع العصر(12)[4] ليكونَ أرفقَ لسيره وأسلم من قطع السفر، وإذا دخل عليه وقتُ الظهر قبلَ أن يسافر وهو في سفره قدَّم العصر فجمعها مع الظهر جمع تقديم، وهكذا في المغرب والعشاء، إذا كان في سفر وكانت رحلتُه في السّفر قبلَ المغرب أخَّر المغرب وصلاّها مع العشاء، وإن أذَّن المغرب عليه قدَّم العشاء وصلاها مع المغرب جمعَ تقديم، هكذا كان هديه (13)[5]؛ لأنّ هذا الجمعَ رخصةٌ عند قيام الحاجة، عند قيام العذر كالسفر مثلا، فالمسافر يُسهَّل في حقّه الجمعُ، يرخَّص له في الجمع مع القصر ليكونَ في ذلك محافظةٌ على الوقت.

 كذلك إذا كنت راكبًا في الطائرة، فحضر عليك وقت الصلاة، فأنت لا تخلو إن أدركَكَ الوقت وأنت في الطائرة وكان هذا الوقت يُجمع مع ما بعده، فمثلا سفرك ينتهي قبلَ غروب الشمس، فالأفضل إذا نزلتَ أن تصلّيَ الظهر والعصرَ جمعَ تأخير، ففي ذلك أداءٌ للصلاة على الأكمل، ولو قدِّر أنّك تستطيع في الطائرة أن تصلِّي كلَّ صلاة في وقتها كاملة فأدَّيتها فذاك أفضل، وإن كان السفر طويلا ربَّما يخرج الوقتُ قبل أن تؤدّيَها فإنّ الأولى أن تؤدِّي كلَّ صلاة في وقتها أو تجمع بين الصلاتين، المهمُّ أن لا تؤخِّر الصلاةَ بعد وقتها.

 المريض عافى الله الجميعَ من كلّ بلاء له حقّ أن يجمَع إذا كان لا يستطيع أداءَ الصلاتين كلَّ صلاةٍ في وقتها لأجل المرض ومشقةِ القيام للوضوء، أو كان يشقّ عليه أداؤها كلَّ وقت، وإذا أدّى الصلاتين في وقتٍ سهُل عليه الأداء، فإنّه جائز له أن يجمَع بين الصلاتين لأجل عذر المرض الذي ربَّما تعذَّر عليه أداء كلِّ صلاة كاملة؛ لأنّه لا يجد من يعينه ولا من يساعده، أو يشقّ عليه الذهاب للوضوء في كلّ وقت، جاز له الجمع بين الصلاتين تقديمًا أو تأخيرًا؛ لأنّ في ذلك رعايةً للوقت.

 قد يتعلَّل بعضُ المرضى أحيانًا فيقولون: الصلاة في الوقت يُشكل علينا، قد تكون الثياب غيرَ نقيّة غيرَ طاهرة، أو الفرش غير طاهرة، أو غير ذلك، يقال: ليس للمسلم عذر، المهمّ المحافظةُ على الوقت، فهو أهمّ من الأمور كلّها، فأدِّ الصلاة في وقتها إذا كنت لا تستطيع تداركَ هذه الأشياء إلا بعد خروج الوقت، فالوقت أهمّ من كلّ شيء، فراعِ الوقتَ ولا تؤخِّره، فإنّ الله جلّ وعلا قدَّر للصلاة الأوقات، فيؤدّيها المسلم في هذه الأوقات طاعةً لله وتقرّبًا إلى الله جل وعلا.

أسأل الله أن يوفّقني وإياكم للمحافظة على هذه الصلوات وقتًا وجماعة، وأن يجعلنا وإيّاكم من المحافظين عليها المديمين لأدائها، وأن يتقبّل منّا ومنك صالحَ الأقوال والأعمال.

واعلموا ـ رحمكم الله ـ أنّ أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمّد ، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإنّ يد الله على الجماعة، ومن شذّ شذّ في النار.

وصلّوا ـ رحمكم الله ـ على نبيّكم محمّد كما أمركم بذلك ربّكم قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].

اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد، وارض اللهمّ عن خلفائه الراشدين...

__________

(1) أخرجه مالك في الموطأ (270)، وأحمد (5/315، 317، 319، 322)، وأبو داود في الصلاة (425)، والنسائي في الصلاة (461)، وابن ماجه في إقامة الصلاة (1401) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، وصححه ابن حبان (1732، 2417)، وابن السكن كما في الفتح (12/203) وغيرهما، وهو في صحيح الترغيب (370).

(2) أخرجه البخاري في مواقيت الصلاة، باب: فضل الصلاة لوقتها (527)، ومسلم في الإيمان، باب: بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال (85).

(3) أخرجه البخاري في الدعوات (6396)، ومسلم في المساجد (627) من حديث علي رضي الله عنه بنحوه.

(4) حديث مشروعية صلاة الخوف أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة الخوف (840) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

(5) أخرجه مسلم في المساجد (654).

(6) أخرجه البخاري في مواقيت الصلاة (555)، ومسلم في المساجد (632) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(7) أخرجه البخاري في مواقيت الصلاة، باب: من نسي صلاة فليصل إذا ذكر ولا يعيد (597) وليس فيه ذكر النوم، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة، باب: قضاء الصلاة الفائتة (684) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه ولفظه عنده: ((من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها)).

(8) أخرجه مسلم في المساجد (681) عن أبي قتادة رضي الله عنه بنحوه في حديث طويل.

(9) أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب التبكير بالعصر (622) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه بنحوه.

(10) جمعه الصلاة إذا جدّ به السير أخرجه البخاري في الجمعة، باب: الجمع في السفر بين المغرب والعشاء (1108)، ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها (703) عن ابن عمر أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين المغرب والعشاء إذا جد به السير.

(11) حديث جمعه الصلاة بتبوك أخرجه مسلم في صلاة المسافرين (705) عن ابن عباس رضي الله عنهما.

(12) أخرج البخاري في الجمعة، باب: يؤخر الظهر إلى العصر إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس (1111)، ومسلم في صلاة المسافرين، باب: جواز الجمع بين الصلاتين في السفر (704) عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ثم يجمع بينهما، وإذا زاغت صلى الظهر ثم ركب.

(13) أخرجه أحمد (5/ 241)، وأبو داود في الصلاة، باب: الجمع بين الصلاتين (1220)، والترمذي في الجمعة، باب: ما جاء في الجمع بين الصلاتين (553) من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال الترمذي: "حديث حسن غريب تفرد به قتيبة، لا نعرف أحدًا رواه عن الليث غيره، وحديث الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل عن معاذ حديث غريب"، وقال الخطيب البغدادي في تاريخه (2/ 33): "هو منكر جدًا"، فأحاديث جمع التأخير ثابتة في الصحيح كما تقدم، أما حديث جمع التقديم ففيه مقال مشهور عند علماء الحديث. انظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (24/ 27)، وزاد المعاد لابن القيم (1/ 477) وما بعدها.

(1/2791)


Xilisoft Video Converter Ultimate v7.8.7 build 20150209 ML with Key



Xilisoft Video Converter هي قوية، تحويل البرمجيات الذي يحول بين جميع صيغ الفيديو الشعبي مثل تحويل AVI إلى MPEG، WMV إلى AVI، WMV إلى MPEG أو H.264 / AVC الفيديو، تحويل ملفات AVI إلى صيغ بود، Xilisoft محول الفيديو يدعم صيغ الفيديو حتى شاملة بما في ذلك AVI، MPEG، WMV و DivX، MP4، H.264 / MPEG-4 AVC، RM، MOV، كسفيد، 3GP، FLV، VOB (تنسيق الفيديو المستخدمة في DVD)، DAT (تنسيق الفيديو المستخدمة في VCD، SVCD)، الخ. بالإضافة إلى ذلك، تحويل الفيديو يوفر وسيلة سهلة لتحويل ملفات الفيديو إلى ملفات سمعية شعبية، مثل MP2، MP3، WMA، WAV، RA، M4A، AAC، AC3، OGG، وما إلى ذلك

إلى MPEG، WMV إلى MPEG، WMV إلى AVI، MKV إلى AVI، MKV إلى MPEG، هي سهلة جدا وسريعة مع أفضل نوعية. حمل مجانا برنامج Xilisoft محول الفيديو لديها تجربة رائعة الآن!

Xilisoft Video Converter Ultimate

Le meilleur convertisseur vidéo pour les utilisateurs Mac et PC. Laissez-vous profiter des vidéos ne importe où.

Convertir plus de 160 formats vidéo et audio

Convertir des vidéos HD, jusqu'à 1080p et 4K vidéo

Convertir des films 2D en 3D

Convertir des vidéos / audios à iPhone / iPad / iPod, et des dispositifs de Galaxy

5X vitesse Promotion avec l'accélération GPU

Convertir des vidéos / audios à la fois sur Mac et PC

Xilisoft Video Converter est puissant, logiciel de conversion vidéo polyvalent qui convertit entre tous les formats vidéo populaires tels que convertir AVI en MPEG, WMV to AVI, WMV en MPEG ou H.264 / AVC vidéo, convertir des fichiers AVI formats iPod, etc. Aucune autre des programmes comme Xilisoft Video Converter supporte les formats vidéo tellement complète y compris AVI, MPEG, WMV, DivX, MP4, H.264 / MPEG-4 AVC, RM, MOV, XviD, 3GP, FLV, VOB (le format vidéo utilisé pour les DVD), DAT (le format vidéo utilisé dans VCD, SVCD), etc. En outre, le convertisseur vidéo fournit un moyen facile de convertir des fichiers vidéo en fichier audio populaires, comme MP2, MP3, WMA, WAV, RA, M4A, AAC, AC3, OGG, etc. Le convertisseur vidéo prend également en charge APE, CUE décodage et CD audio déchirant.

MPEG, WMV en MPEG, WMV to AVI, MKV en AVI, MKV en MPEG, sont très faciles et rapides avec la meilleure qualité. Téléchargement gratuit Xilisoft Video Converter pour avoir une expérience merveilleuse en ce moment!

Fonctions principales:

Agir comme 3GP Video Converter, iPod Video Converter, PSP Video Converter, Zune Video Converter, AVI MPEG Converter, MP4 Video Converter, MOV Converter, MKV convertisseur MPEG, etc .; *

* Convertir entre tous les formats vidéo populaires tels que AVI, MPEG, WMV, DivX, MP4, H.264 / MPEG-4 AVC, RM, MOV, XviD, 3GP, FLV, vous aider sur la façon de convertir AVI en MPEG, convertir MKV en AVI, MKV convertir au format MPEG;

* Convertir des vidéos en fichiers audio populaires, y compris MP2, MP3, WMA, WAV, RA, M4A, AAC, AC3, OGG et, et convertir entre ces formats audio;

* Extraire images de la vidéo et de sortie comme JPG, PNG, GIF, BMP, SWF;

* Convertir images aux formats vidéo tels que AVI, FLV, SWF, MOV, 3GP, WMV, etc.

Principales Caractéristiques:

* fonctions d'édition de l'effet vidéo puissant pour personnaliser votre vidéo: culture taille de la vidéo, de modifier les effets vidéo, et ajouter un filigrane vidéo; (Ultimate seulement)

* Soutenir le décodage et l'encodage de l'audio sans perte; (Ultimate seulement)

* Aperçu et comparer la source vidéo et vidéo fixe; (Ultimate seulement)

* Fusionner plusieurs segments vidéo à l'un pour la conversion; (Ultimate et Platinum seulement)

* segments clip de vidéo et audio, et les sortir respectivement ou les fusionner en une pour la sortie; (Ultimate et Platinum seulement)

* Aperçu coupé segment vidéo; (Ultimate et Platinum seulement)

* Plus optimisé et des profils des petites sont pris en charge maintenant, et ne importe quel profil peut être personnalisé pour créer votre propre une avec vos réglages favoris;

* Personnaliser la taille du fichier de sortie et l'auto-calculer le débit binaire vidéo correspondant;

* Plusieurs formats de sortie peuvent être définies pour un original pour faciliter votre conversion;

* Convertir des vidéos à des formats compatibles à travailler sur PSP, PS3, iPod, iPhone, Apple TV, Zune, Archos, BlackBerry, iRiver PMP, Creative Zen, etc .;

* Il supporte le format H.264 / AVC vidéo, PSP H.264 / MPEG-4 AVC de codage / décodage, PSP H.264 / AVC vidéo (480x272) (* .mp4);

* Il fournit la conversion par lots et le multithreading, donc vous pouvez sélectionner plusieurs fichiers à la fois de les convertir automatiquement un par un;

* Vous pouvez convertir ne importe quel clip ou segment de la vidéo à volonté en réglant le point de départ et la durée, et de diviser un fichier source à plusieurs par la durée ou la taille de fichier;

* Codec de codec audio et vidéo peuvent être modifiés: alternativement sélectionnez codec vidéo tels que MPEG4, DVvideo, MJPEG, etc. pour les fichiers AVI, H263 et MPEG4 pour 3GP, ainsi que le codec audio comme PCM, MP2, MP3, MPEGAAC, AC3, et caetera.

* Lors de la conversion des fichiers, vous pouvez mettre en pause, arrêter et continuer à tout moment;

* Vous pouvez conserver les paramètres par défaut ou définir les paramètres de la vidéo et audio par vous-même pour obtenir des effets particuliers pour le fichier de sortie.

 

 

التحميل

 


http://www.mediafire.com/download/cx909krf3an8bwc/Xilisoft_Video_Converter_Ultimate_v7.8.7_build_20150209_ML_with_Key.rar 

uTorrent PRO v3.4.3 build 39910 Beta Multilingual + Crack



uTorrent PRO v3.4.3 build 39910 Beta Multilingual + Crack

 MultilingualuTorrent PRO هي واحدة من الحلول الأكثر شعبية بالنسبة للتورنت. برنامج يجمع بين الأداء الوظيفي الأمثل مع كمية صغيرة. تدعم عمل بغض النظر عن المتنزهين، يتيح لك تحميل ملفات متعددة في وقت واحد، لديه عرض النطاق الترددي للتخصيص، واستعادة سريعة لانقطاع التحميل، وأكثر من ذلك.أصبحت واحدة من أفضل أوتورنت مريحة، مدروسة، واجهة جميلة جدا واستجابة سريعة لإجراءات المستخدم. وهو يدعم جميع الوظائف اللازمة للعمل في تورنت P2P شبكة.هناك بعض الميزات:أوتورنت يدعم تحميل الموازي.الاستخدام الرشيد للعرض النطاق الترددي ويسمح لك لتخصيصه.أوتورنت تدير المهام المدمجة في المجدول ؛أوتورنت لديه القدرة على تعيين أولوية المرور وضبط السرعة؛لديها ميزات وقف  واستئناف التحميل.أوتورنت تدعم UPnP و NAT-PMP، وكذلك ملحقات بروتوكول شعبية.لديها انخفاض استهلاك الذاكرة وصغر حجم البرنامج؛يدعم قراءة RSS--إعلانات.يتفاعل مع زبائن آخرين دون الحاجة لتعقب الرئيسي (DHT)؛أوتورنت يدعم التشفير البروتوكول؛واجهة أوتورنت دعمت أمر التغيير وإمكانية الترجمة إلى لغات أخرى. أوتورنت متكاملة للتحكم عن بعد عبر HTTP-البروتوكول، وذلك باستخدام شبكة الإنترنت واجهة (WebUI)؛أوتورنت يعمل في كافة إصدارات نظام التشغيل ويندوز؛ومن الممكن أيضا استخدام أوتورنت في لينكس .أوتورنت تدير المهام هو واحد من عملاء تورنت الأكثر شعبية، مع الكثير من الميزات مثل تحديد الأولويات عرض النطاق الترددي، RSS  في تحميل والجدولة والخطوط الرئيسية  (والذي يتوافق مع التورنت الاخرة المعروفة).
ملامح السيل:- التنزيلات
متعددة في وقت واحد - عرض النطاق الترددي
- سريعة.. يستأنف توقف التحويلات- RSS تحميل- دعم Trackerless (الخطوط الرئيسية DHT)
uTorrent PRO- تيار الفور
 
مشاهدة أو  المعاينة لأنهاء تنزيل، دون انتظار لملف الانتهاء.- تحويل، تحميل واللعب في العديد من الأشكال
 
ويشمل
uTorrent برو وسائل الإعلام  HD أو تحويل للعب على أي جهاز محمول.- ملامح جديدة فاخرة
 
uTorrent برو  إضافة ميزات جديدة. التمتع بها دون أي تكلفة اضافية.- الحماية من الفيروسات
 
الحفاظ على جهاز الكمبيوتر الخاص بك آمنة عن طريق المسح الضوئي تلقائيا بتحميل بحثا عن الفيروسات والبرامج الخبيثة.- الوصول المبكر
 
الحصول على التحديثات والميزات المتطورة قبل أي شخص آخر.- لا إعلانات
 
كمستخدم برو ومؤيد من
uTorrent، يمكنك التمتع بتجربة خالية من الاعلانات.Langpacks: الألبانية، العربية، الأذربيجانية، الباسك، البيلاروسية، البوسنية، البلغارية، الكاتالانية، الصينية (المبسطة) والصينية (التقليدية)، الكرواتية، التشيكية، الدانمركية، الهولندية، الإستونية، الفنلندية، الفرنسية، الفريزية، الجاليكية، الألمانية، اليونانية، العبرية، الهنغارية، الآيسلندية، الإيطالية، اليابانية، الكورية، اللاتفية، الليتوانية، المقدونية، الملايو، النرويجية، الفارسية، البولندية، البرتغالية (البرازيل)، البرتغالية (البرتغال)، الرومانية، الروسية، الصربية (السيريلية)، الصربية (اللاتينية)، السلوفاكية، السلوفينية، الإسبانية، السويدية، تايوان، التايلاندية، التركية، الأوكرانية، بلنسية، الفيتنامية.




uTorrent PRO v3.4.3 build 39910 Beta Multilingual + Crack



Torrent - un simple, rapide et compact torrent Klent. Client uTorrent, aujourd'hui, est l'une des solutions les plus populaires pour BitTorrent réseau. Le programme combine une fonctionnalité optimale avec une petite quantité. Prend en charge le travail indépendamment des randonneurs, vous permet de télécharger plusieurs fichiers à la fois, a une bande passante personnalisable, la restauration rapide des téléchargements interrompus, et plus encore.Un des meilleurs uTorrent est devenu une pratique, bien pensé, très belle interface et une réponse rapide aux actions des utilisateurs. Il prend en charge toutes les fonctions nécessaires pour un fonctionnement BitTorrent P2P-réseau.Il ya quelques caractéristiques:uTorrent supporte le chargement parallèle;Utilisation rationnelle de la bande passante et vous permet de personnaliser;Programmateur intégré uTorrent gère les tâches;uTorrent a la capacité de définir la priorité du trafic et régler la vitesse;Il a dispose d'un arrêt rapide et reprendre les téléchargements;uTorrent prend en charge UPnP et NAT-PMP, ainsi que des extensions de protocoles populaires;Il a une faible consommation de mémoire et la petite taille du programme;Prend en charge la lecture de flux RSS et télécharger Torrent-annonces;Interagit avec d'autres clients sans avoir besoin de le tracker principale (DHT);uTorrent soutient le cryptage du protocole;Interface uTorrent a soutenu l'ordre de modification et la possibilité de traduction dans d'autres langues;Dans uTorrent intégré contrôle à distance via protocole HTTP, en utilisant l'interface web (interface Web);uTorrent fonctionne dans toutes les versions de système d'exploitation Windows;Il est également possible d'utiliser uTorrent sous Linux en utilisant Wine.uTorrent est l'un des clients BitTorrent les plus populaires, avec beaucoup de fonctionnalités telles que la bande passante priorités, auto-RSS téléchargement, l'ordonnancement et Mainline DHT (qui est compatible avec BitComet, un autre client BitTorrent bien connu), le cryptage du protocole spécification commune (également utilisé Azureus 4.7.0.0 et par-dessus, BitComet 1.30 +) et l'échange de pairs.uTorrent a été écrit avec efficacité à l'esprit. Contrairement à de nombreux clients torrent, il ne monopolise pas les ressources précieuses du système - typiquement en utilisant moins de 6 Mo de mémoire, vous permettant d'utiliser l'ordinateur comme se il ne était pas là du tout. En outre, le programme lui-même est contenu dans un seul exécutable de moins de 750 Ko.Caractéristiques de uTorrent:- téléchargements simultanés multiples- Configurable bande passante ordonnanceur- Global et par-torrent vitesse limite- Quick-reprend transferts interrompus- RSS Downloader- Le soutien de traqueur (Mainline DHT)uTorrent PRO- Diffusent instantanément
 
Regarder ou aperçu torrents comme ils téléchargent, sans attendre le dossier complet.- Convertir, télécharger et jouer dans de nombreux formats
 
uTorrent Pro inclut un lecteur multimédia HD ou convertir à jouer sur ne importe quel appareil mobile.- Prime Nouvelles fonctionnalités
 
uTorrent Pro est toujours ajouter de nouvelles fonctionnalités. Profitez-en sans frais supplémentaires.- Protection Anti-Virus
 
Gardez votre PC en toute sécurité en analysant automatiquement les téléchargements de virus et de logiciels malveillants.- Early Access
 
Accédez aux mises à jour et fonctionnalités de pointe avant tout le monde.- Pas de publicités
 
Comme un utilisateur Pro et un partisan de uTorrent, vous pouvez profiter d'une expérience sans publicité.Langpacks: albanais, arabe, azerbaïdjanais, basques, biélorusses, bosniaque, bulgare, catalan, chinois (simplifié), chinois (traditionnel), croate, tchèque, danois, néerlandais, estonien, finnois, français, frison, galicien, allemand, grec, hébreu, hongrois, islandais, italien, japonais, coréen, letton, lituanien, macédonien, le malais, norvégien, persan, polonais, portugais (Brésil), portugais (Portugal), roumain, russe, serbe (cyrillique), serbe (latin), slovaque, slovène, espagnol, suédois, Taiwan, thaï, turc, ukrainien, Valence, vietnamien.


 

   


لتحميل البرنامج

http://www.gulfup.com/?PRmXZB