الأحد، 17 مايو 2015
أعداء الإسلام
أعداء الإسلام
-----------------------
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، والحمد لله على ما قدره بحكمته من دقيق الأمر وجله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك كله، وله الحمد كله، وبيده الخير كله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً.
فمنذ أن بعث الله نبي هذه الأمة محمداً صلى الله عليه وسلم للعالمين قامت طائفة من المناوئين لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمحاربة هذا الدين, بداية بكفار قريش وعلى رأسهم أبو جهل وأبو لهب وأمية بن خلف وغيرهم، ومروراً بعد ذلك بالمنافقين الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر والنفاق، وكذلك كل من لم يكرمه الله بإتباع هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، كل أولئك قد نذروا أوقاتهم وجهدهم ومالهم لمحاربة هذا النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الدين الذي جاء به. ودارت المعارك الكثيرة ونصر الله دينه وأعز جنده وأعلى كلمته، وهزم أعداء الله وأعداء رسوله وظهر دين الله ودخل الناس في دين الله أفواجاً.
وعرف أعداء هذا الدين أنهم غير قادرين على مواجهة هذا الدين مواجهة عسكرية ولا محاربته بالسيف والرمح فلجؤوا إلى الحرب الفكرية العقائدية، وذلك عن طريق نشر الأفكار المنحرفة والعقائد الفاسدة بين المسلمين حتى يفسدوا على المسلمين دينهم. فأخذوا ينشرون الفتن بين المسلمين ويؤلفون الأحاديث المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت الحرب العسكرية بالسيف والرمح أقل خطراً، وكانت الحرب الفكرية العقائدية أشد خطراً وأعظم أثراً في المسلمين.
وحصل أعداء الدين على بعض ما كانوا يريدون من خلال الحرب الفكرية، وذلك ما لم يحلموا بالحصول عليه من خلال السيف.
نعم عباد الله، إن أعداء الدين اليوم يعلمون ذلك تماماً ويعونه، بل ويعملون على استمرار تلك الحرب وتطويرها، حيث أصبحت اليوم مدروسة مبحوثة يخطط لها وتبذل من أجلها الأموال الطائلة، كل ذلك حرباً لهذا الدين الذي جاء به رسول الهدى صلى الله عليه وسلم. وقد جعلوا نصيباً لكل مسلم من هذه الحرب، فهناك خطط موجهة لكل فرد في المجتمع المسلم فهناك مثلاً حرب موجهة:
1- للشاب المسلم.
2- للطفل المسلم.
3- للمسلم المثقف.
4- للمسلم العامي غير المتعلم.
5- للمرأة المسلمة.
6- للمسلم العربي.
7- للمسلم غير العربي.
8- للمسلم الغني.
9- للمسلم الفقير.
فلم يتركوا طبقة من طبقات المجتمع إلا وكان لها نصيب من هذه الحرب الفكرية. وقد استخدموا في هذه الحرب كل الوسائل المتوفرة، فاستخدموا:
1- الوسيلة المقروءة.
2- الوسيلة المسموعة.
3- الوسيلة المرئية.
وأنفقوا أموالاً لا تعد ولا تحصى من أجل حرب هذا الدين، ومع علمنا بأن أعداء الله قد نجحوا في بعض الأمور التي يريدونها إلا أننا نؤمن أنهم لن ينالوا ما يحلمون به، وهو القضاء على الإسلام والمسلمين، ونؤمن يقيناً أن الله ناصر دينه ومعل كلمته، وأن الدائرة ستكون على أعداء هذا الدين، وهذا ما أخبرنا به ربنا ولا نشك فيه أبداً، وأن هذه الأموال التي ينفقونها للصد عن سبيل الله ستضيع ويخسرونها وتكون هباء منثوراً قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ [الأنفال:36].
نعم هكذا يخبرنا ربنا تبارك وتعالى أنهم سينفقون الأموال للصد عن سبيل الله والتشكيك في دين الله وقلب المفاهيم والطعن في الأحكام، لكن النتيجة لن تكون كما يريد أعداء الله، بل ستكون هذه الأموال عليهم حسرة لأنهم أنفقوها بلا فائدة بل وسيغلبون ويهزمون ثم يحشرهم الله عز وجل إلى جهنم وساءت مصيراً.
فليعلم أعداء هذا الدين أنهم لا يحاربون طائفة من الناس أو فكرة من الأفكار البشرية بل يحاربون ديناً سماوياً نزل به الأمين جبريل عليه السلام على خير البشر صلى الله عليه وسلم. وأن أمة الإسلام تمرض وتضعف لكنها لا تموت. وليعلموا أنهم يحاربون رب السماوات والأرض وما بينهما، الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. وليعلم المسلمون أن حفظ هذا الدين قد أوكله الله إلى نفسه ولم يكله إلى أحد من البشر قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9]. ولو كان حفظ هذا الدين موكولاً إلى غير الله لضاع منذ زمن طويل، لكنه لما كان الحافظ له هو الله لا زال حتى يومنا هذا صامداً أمام الهجمات الشرسة من أعداء الدين مع ضعف أهله وقلة حيلتهم، وذلك أن الله عز وجل قد تكفل بحفظه. وذلك ليطمئن كل مسلم غيور على دينه ولا يقنط من رحمة الله ولا يظنن أن النصر لأعداء الله، فإن دولة الباطل ساعة، ودولة الحق إلى قيام الساعة.
وإن مما ينبغي أن يعلم مع علمنا بأن النصر لهذا الدين، أنه لا بد من أن يقوم أهل هذا الدين بالدفاع عنه قياماً بالأسباب ولا يتكلوا على ما ذكرنا من حفظ الله لدينه ونصرته لعباده المؤمنين، فإن النصرة لا تكون إلا لمن قام بأسبابها، وإن لم نقم بأسبابها فإن الله قادر على الإتيان بقوم آخرين يؤمنون بذلك ويعملون لتحقيقه قال تعالى: أُوْلَائكَ الَّذِينَ ءاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ [الأنعام:89]. وقال تعالى: ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحياةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِى الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلّ شَىْء قَدِيرٌ إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِى الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:38-40]. وهكذا نعلم أننا مطالبون بنصرة دين الله والعمل به ولا يجوز لنا التواكل وترك العمل.
إن أعداء هذا الدين قد جعلوا من أهدافهم الرئيسة لحرب هذا الدين المرأة المسلمة، وقد علموا أن المرأة لها دور كبير وتأثير عظيم على المجتمع, فبصلاحها يصلح المجتمع، وبفسادها يفسد المجتمع، فهي مربية الأجيال وصانعة الرجال ومهد الحضارات. فصبوا الهجمات تلو الهجمات على الإسلام من جانب المرأة فقالوا: إن الإسلام قد ظلم المرأة في كثير من حقوقها، وقالوا: إن الإسلام قد حبس المرأة وسلط الرجل عليها، وقالوا: إن الإسلام ينظر للمرأة نظرة احتقار, وقالوا: إن المرأة والرجل متساويان، والإسلام قد فضل الرجل على المرأة. وحاربوا حجاب المرأة المسلمة وشككوا فيه، كما حاربوا تعدد الزوجات وشككوا فيه. وشككوا في أحكام المواريث بالنسبة للمرأة، والدية، وغير تلك الشبه الكثيرة التي أثاروها حول قضايا المرأة في الإسلام.
للحديث عن المرأة في الإسلام وبيان مكانتها والرد على تلك الشبه التي يثيرها أعداء الله من الكافرين والمنافقين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر ويحاربون الله ورسوله ويستهزئون ويلمزون. وإننا إن شاء الله سنتحدث عن قضايا المرأة وكيف أن الإسلام كرمها وأعزها وحفظها من كل ما يشينها أو يسيء إليها، وكيف أن أعداء الإسلام استطاعوا أن يقلبوا مفاهيم بعض النساء بل والرجال أيضاً ويجعلوهم يقولون مثلهم بأن الإسلام قد قيد حرية المرأة.
وليس معنى أنها عن المرأة يعني أنها لا تصلح إلا للنساء بل ربما نقول أن المعني بها أولاً هو الرجل لأنه هو المسؤول عن تغيير تلك المفاهيم وإصلاح النساء من بنات وزوجات وأخوات. لذلك فمن المهم جداً أن نفهم ذلك وأن نعلم نساءنا، فإننا مسؤولون عنهن أمام الله عز وجل. وفقنا الله وإياكم لما فيه الخير والسداد.
مكانة الخشوع في الصلاة
مكانة الخشوع في الصلاة
-----------------------
الحمد لله حمداً لا ينفد، أفضل ما ينبغي أن يحمد، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء محمد، وعلى آله وصحبه ومن تعبد…
إن من أركان الإيمان الستة الإيمان بكتب الله المنزلة الذي كان آخرها وخاتمها والمهيمن عليها القرآن الكريم والإيمان بالقرآن يعني التصديق بما فيه جملة وتفصيلاً مع العمل بما وجب العمل به في القرآن. وكذلك من أركان الإيمان الستة الإيمان بالرسل الذين كان خاتمهم وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم. والإيمان بهذا الرسول الكريم يعني طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما نهى عنه وزجر.
وقد جاءنا القرآن وجاءتنا السنة بأخبار كثيرة كلها صدق وحق.
لكن قد لا تبدو بعض الأمور واضحة جلية عند بعض الناس ممن لم يحصل قدراً من الإيمان يحصنه من الوقوع في براثن الشيطان فتكون الحصيلة شكاً أو تكذيباً في بعض الأخبار القرآنية أو الأحاديث النبوية فيقع صاحب ذلك الإيمان المزعزع في الكفر عياذاً بالله مكذباً ببعض تلك الأخبار أو شاكاً مشككاً فيها.
أما المؤمنون الموحدون الذين يصدقون ويؤمنون بكل ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإنهم يقولون: ءامَنَّا بِهِ كُلٌّ مّنْ عِندِ رَبّنَا [آل عمران:7]. يؤمنون بأخباره ويعملون بأحكامه ويسلموا تسليماً. لا شك ولا اعتراض بل يقين وتسليم أولئك هم المؤمنون حقاً.
وبعد فهذا خبر من أخبار الكتاب الكريم يقول الله تعالى فيه كما في سورة العنكبوت: اتْلُ مَا أُوْحِىَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصلاةَ إِنَّ الصلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ [العنكبوت:45].
تنزيل هذه الآية على حال كثير من المصلين اليوم يُظْهِر لنا العجب العجاب .. والحال يغني عن المقال.
وعندها يطرح السؤال نفسه بين أيدينا: لماذا لم تنه الصلاة كثيراً من المصلين عن الفحشاء والمنكر؟! أليس هذا قول ربنا؟!!
فكيف إذا وجد مصل يقع في أمور شركية تنقض التوحيد؟ وكيف ترى مصل يفعل البدع ويروج لها ويحارب من حارب البدع؟ وكيف وجد مصل يكذب ويغش ويخادع؟ وكيف وجد مصل يأكل الربى ويرابي؟ وكيف وجد مصل يمشي بالنميمة بين الناس؟ وكيف وجد مصل يغتاب المسلمين وينهش في أعراضهم ويأكل لحومهم؟ وكيف وجد مصل يأكل أموال الناس بالباطل ولا يعطي أصحاب الحقوق حقوقهم؟ وكيف وجد مصل ينظر إلى ما حرم الله من نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات؟ وكيف وجد مصل يؤذي نساء المسلمين في الأسواق وغيرها؟ وكيف.. وكيف. كم هائل من المنكرات التي يصعب حصرها قد وقع فيها بعض من هم من أهل الصلاة.
إنه السؤال العظيم: كيف حدث هذا والله يقول: إِنَّ الصلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَرِ فلماذا لم تنه هؤلاء صلاتهم عن هذه المنكرات؟! ونحن نؤمن إيماناً يقينياً لا يخالطه شك أن ما قاله ربنا عز وجل حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
إن الجواب على هذا قد ذكره علماؤنا وبينوا رحمهم الله كل شيء. قال أهل العلم: الصلاة تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر إذا أداها العبد كما أمر الله وكما أرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففعل الصلاة على حقيقتها وأداؤها بواجباتها وأركانها وسننها وحضور القلب فيها يجعل العبد يشعر بمعناها وأنها صلة بينه وبين الله فيرجع بعدها مرتفع الإيمان مستحضراً لنظر الله إليه واطلاعه على سره وجهره، فيطهر العبد عند ذلك ظاهره وباطنه حياء من الله أن يطلع على شيء لا يرضاه منه. يستشعر العبد أنه يلتقي ربه في كل يوم وليلة خمس مرات على أقل تقدير، يقوم بين يديه يخاطبه ويناجيه. إنه الله العظيم الكريم، يجالسه ذلك العبد الفقير الذليل ويخاطبه ويسأله كل ما يريد من حوائج دنياه وآخرته. فيستحي بعد ذلك أن يعصي له أمراً. يقول صلى الله عليه وسلم منكراً ومنبهاً للمصلين: ((إذا قام أحدكم في صلاته يقبل الله عليه بوجهه فلا يبزقن أحدكم في قبلته ولا يبزقن عن يمينه)).
إن استشعار هذا اللقاء العظيم وهذا الموقف الجليل له ما له في نفس المؤمن. فإنه يكون له رادع وزاجر عن كثير من المنكرات، كلما همت نفسه بشيء منها تذكر اللقاء القادم مع الله فاستحيا من ربه. ولذلك ورد في المسند وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن فلاناً يقوم الليل وإذا أصبح سرق فقال عليه الصلاة والسلام: ((ستنهاه صلاته)).
إذاً فالصلاة تنهى صاحبها عن فعل المنكرات، ولو وقع ذلك منه أحياناً. الصلاة ترد صاحبها إلى الحق ولو زاغ عنه أحياناً. فما بال كثير من المسلمين اليوم لم تردهم صلاتهم إلى الحق بعد أن زاغوا عنه؟! ما بال كثير من المسلمين اليوم يخرج من بيت الله بعد أن صلى ينوي فعل ما حرم الله وقد عزم على ذلك قبل الصلاة؟!
أيها المصلون: إن هذه العبادة العظيمة لها جلالة ومكانة عند الله، فقد فرضت من دون سائر الفرائض في السماء. في أعلى مكان وصل إليه بشر منذ أن خلق الله آدم. ومن حب الله لها فرضها أولاً خمسين صلاة ثم خفف الأمر إلى خمس صلوات في اليوم والليلة.
واعلم أن للعبد من الإسلام بقدر ما له من الصلاة. يقول الإمام أحمد رحمه الله: "إنما حظهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة، ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة". فاعرف نفسك ياعبدالله، احذر أن تلقى الله عز وجل ولا قدر للإسلام عندك، فإن قدر الإسلام في قلبك كقدر الصلاة في قلبك.
وقال أيضاً رحمه الله: "واعلموا أنه لو أن رجلا أحسن الصلاة، فأتمها وأحكمها، ثم نظر إلى من أساء في صلاته وضيعها، وسبق الإمام فيها، فسكت عنه، ولم يعلمه إساءته في صلاته ومسابقته الإمام فيها، ولم ينهه عن ذلك، ولم ينصحه، شاركه في وزرها وعارها. فالمحسن في صلاته، شريك المسيء في إساءته، إذا لم ينهه ولم ينصحه".
اعلموا أن الصلاة بمنزلة الهدية التي يتقرب بها الناس إلى ملوكهم وكبرائهم، فليس من عمد إلى أفضل ما يقدر عليه، فزينه وحسنه ما استطاع، ثم تقرب به إلى من يرجوه ويخافه، كمن عمد إلى أسقط ما عنده وأهون ما عنده، فيستريح منه، ويبعثه إلى من لا يقع عنده موقعاً حسناً. وليس من كانت الصلاة ربيعاً لقلبه وحياة له، وراحة وقرة لعينه، وجلاء لحزنه، وذهاباً لغمه وهمه، ومفزعاً له في نوائبه ونوازله، كمن هي سحت لقلبه، وقيد لجوارحه، وتكليف له، وثقل عليه، فهي كبيرة على هذا النوع من الناس، وقرة عين وراحة للنوع الأول. قال تعالى: وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ s الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُوا رَبّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ [البقرة:45-46]. فإنما كبرت الصلاة على أناس لخلو قلوبهم من محبة الله تعالى وتعظيمه والخشوع له وقلة رغبتهم فيه، فإن حضور العبد في الصلاة وخشوعه فيها، وتكميله لها، واستفراغ وسعه في إقامتها وإتمامها على قدر رغبته في الله.
وقد كانت الصلاة قرة عين رسول الله . عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حبب إلي من الدنيا النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة)) [رواه النسائي].
هكذا كانت حال النبي مع الصلاة، وكذلك كانت حال الصحابة رضي الله عنهم والتابعين رحمهم الله، فأين نحن من هؤلاء؟ ترى ما هو قدر الصلاة عندنا؟
إن الإجابة عن هذا السؤال تجعلنا نعرف السبب الذي جعل أثر الصلاة - الذي ذكره الله في كتابه - لا يظهر على الكثير منا.
اسأل نفسك كم من صلاتك تخشع فيه؟ أنصفها؟ أو ربعها؟ أو خمسها؟ أو سدسها؟ أو سبعها؟ أو عشرها؟
عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ((إن الرجل ليصلي، و لعله ألا يكون له من صلاته إلا عشرها أو تسعها أو ثمنها أو سبعها حتى انتهى إلى آخر العدد)) [رواه النسائي وابن حبان].
وقد كانت الصلاة راحة باله ، حتى لقد كان يقول لبلال رضي الله عنه: ((يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها)) [رواه أبو داود].
وكذلك كان السلف والتابعون لهم بإحسان يتمتعون بالصلاة وذكر الله كما يتمتع اليوم أصحاب الأموال بأموالهم وكما يتمتع أصحاب الملذات بملذاتهم بل إن متعة أصحاب الذكر أعظم بكثير من متعة أصحاب الدنيا. ورد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه بكى عند موته وقال: (إنما أبكي على ظمأ الهواجر -يعني الصيام- وقيام الليل ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر). وقال أحد السلف رحمه الله: "مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها. قيل: وما أطيب ما فيها؟ قال: محبة الله ومعرفته وذكره".
إن الصلاة التي تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر وتقوده إلى الله وترفعه وتنفعه في الدنيا والآخرة، هي تلك الصلاة التي أشار إليها رسول الله في الأحاديث السابقة، والتي أشار إليها السلف ومن بعدهم في أقوالهم السابقة الذكر.
ثم استمع بعد ذلك إلى هذه الكلمات في وصف تلك الصلاة من ابن القيم رحمه الله وهو يقول: "فإذا حضر وقت الصلاة بادر إلى التطهر والسعي إلى الصف الأول من المسجد فأدى فريضته كما أمر، مكملاً لها بشرائطها وأركانها، وسننها وحقائقها الباطنة من الخشوع والمراقبة والحضور بين يدي الله، فينصرف من الصلاة وقد أثرت في قلبه وبدنه وجوارحه وسائر أحواله آثاراً تبدو على وجهه ولسانه وجوارحه ويجد ثمرتها في قلبه من الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور، وقلة التكالب والحرص على الدنيا وعاجلها، قد نهته صلاته عن الفحشاء والمنكر، وحببت إليه لقاء الله، ونفرته عن كل قاطع يقطعه عن الله، فهو مهموم مغموم كأنه في سجن حتى تحضر الصلاة، فإذا حضرت الصلاة قام إلى نعيمه وسروره وقرة عينه وحياة قلبه، فهو لا تطيب له الحياة إلا بالصلاة وهذا دأبه في كل فريضة" ا.هـ.
فتأمل حالك وقارن حتى تعرف مكانك وموقعك من هذا الوصف. رزقنا الله وإياك الخشوع في الصلاة إنه ولي ذلك والقادر عليه.
السبت، 16 مايو 2015
مقام العلماء
مقام العلماء
-----------------------
الحمد لله حمداً لا ينفد، أفضل ما ينبغي أن يحمد، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء محمد، وعلى آله وصحبه ومن تعبد.
روى الإمام البخاري في صحيحه عن ابن عباس قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال: لم تدخل هذا معنا، ولنا أبناء مثله فقال عمر: إنه من حيث علمتم فدعاه ذات يوم، فأدخله معهم فما رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم قال: ما تقولون في قول الله تعالى: إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ [النصر:1]. فقال بعضهم: أمرنا نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئاً فقال لي: أكذلك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: لا.
قال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له، قال: فإذا جاء نصر الله والفتح وذلك علامة أجلك فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تقول.
وهذا الحديث عباد الله يحكي قصة هذا الشاب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن عباس رضي الله عنهما ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان عمر رضي الله عنه وهو خليفة على المسلمين يدخله مع كبار الصحابة للمشاورة وأخذ الرأي رغم صغر سنه، والقوم من أهل بدر أي من الذين حضروا معركة بدر وقاتلوا فيها، وقد كان لأهل بدر مكانة خاصة فقد قال صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه: ((لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة أو فقد غفرت لكم)) [رواه البخاري ومسلم].
لذلك فقد كان الصحابة كلهم يعظمون أهل بدر فلما رأى أهل بدر أن عمر رضي الله عنه يدخل معهم هذا الشاب الصغير في السن قالوا: إن لنا أبناء مثل هذا الشاب فلماذا لا يدخلهم معنا؟!
فأراد عمر رضي الله عنه أن يريهم لماذا كان يدخل ابن عباس رضي الله عنهما فاستدعاه يوماً واستدعاهم فلما حضروا وجلسوا سألهم عن تفسير سورة النصر وهي قوله تعالى: إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِى دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوبَا [سورة النصر]. فبعضهم قال: إن الله يأمرنا إذا نصرنا الله وفتح علينا أن نسبحه ونحمده. وسكت بعضهم عن الكلام. وليعلموا عند ذلك مكانة ابن عباس رضي الله عنه وجه عمر رضي الله عنه السؤال نفسه إلى ابن عباس رضي الله عنهما، فقال ابن عباس: هذه السورة هي التي أخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم باقتراب أجله حيث جعل الله علامة أجل الرسول صلى الله عليه وسلم فتح مكة وأمره بالإكثار من التسبيح والاستغفار لأن أجله قد اقترب. فقال عند ذلك عمر: وأنا ما أعلم من هذه السورة إلا ما تعلم.
عندها تبينت مكانة ابن عباس وعرفها القوم فسكتوا ولم يعترضوا لعلمهم بأن الذي أهّله لحضور هذا المجلس الذي لا يحضره إلا كبار القوم هو العلم، وهذا هو سر إدخال عمر له مع أشياخ بدر في هذا المجلس.
هذا الحديث يبين لنا فضل العلم الشرعي وشرفه ومكانة العلماء وقدرهم.
إن للعلم الشرعي في هذا الدين مكانة عظيمة ودرجة عالية. فهو ميراث النبوة فإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا هذا العلم، فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر. ولولا العلم الشرعي لأصبح الناس كالبهائم ولكن الله بعث إليهم الرسل بالعلم الشرعي وكرمهم ورفعهم عن بقية مخلوقاته قال تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى ءادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِى الْبَرّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مّنَ الطَّيّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً [الإٍسراء:70].
والعلماء هم ورثة الأنبياء لذلك كانت لهم تلك المكانة العالية في النفوس والمنزلة الرفيعة في الحياة.
العلماء أيها المؤمنون هم الهداة للبشرية الذين يوجهونها لخيري الدنيا والآخرة. العلماء أيها الموحدون أنفع من الآباء والأمهات.
فالآباء والأمهات نفعهم محصور على أبنائهم، أما العلماء فنفعهم للأمة كلها بل للعالم أجمع. قد يستغرب البعض هذا الكلام لكنه الحقيقة فالوالدان يربيان أبناءهما والعلماء يربون الأمة بأكملها.
قد فرق الله في كتابه بين العلماء وغيرهم وبيّن أنهم ليسوا سواسية فقال تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو الاْلْبَابِ [الزمر:9]. نعم لا يستوي الذي يعلم والذي لا يعلم كما لا يستوي الحي والميت والسميع والأصم والبصير والأعمى. أليس هناك فرق؟! العلم نور يهتدي به الإنسان ويخرج به من الظلمات إلى النور، يرفع الله به من يشاء من عباده درجات، وسيلة العبد لعبادة الله على بصيرة وطريقه إلى كسب رضوان ربه، كل ما يكتسبه الإنسان في هذه الحياة يفنى إلا العلم فإنه يبقى بعده إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها إلا أن يشاء الله.
تأمل رعاك الله حال أبي هريرة رضي الله عنه كان فقيراً يجوع حتى يغشى عليه من الجوع، كم يجري ذكره اليوم بين المسلمين، وكم من مترحم عليه مترض عليه. رضي الله عنه وأرضاه، وما ذلك إلا لأنه حفظ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي العلم الشرعي.
استشهد الله أهل العلم على وحدانيته سبحانه وتعالى بعد ملائكته فقال: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا اله إِلاَّ هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَائِمَاً بِالْقِسْطِ [آل عمران:18]. ولم يقل: وأولو المال! ولا قال وأولو الشرف! ولا قال وأولو السلطان! بل قال: وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ.
من أراد الله به خيراً رزقه هذا العلم يقول : ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) [البخاري ومسلم].
هو مقياس محبة الله لعباده وليست الدنيا والأموال والأولاد هي المقياس، فالله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا من أحب. ليس لأحد أن يغبط أحداً على شيء إلا على العلم والعمل به قال صلى الله عليه وسلم: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها)) [رواه البخاري ومسلم].
العلم الشرعي- إخوتي في الله- طريق الجنة المأمون قال صلى الله عليه وسلم: ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له به طريقاً إلى الجنة)) [رواه مسلم]. ولذلك كله فقد كان للعلماء مكانة عظيمة عند المسلمين، ويجب أن تبقى إن كنا نريد النصر والعزة والرفعة في الدنيا والآخرة، ولقد كان سلفنا رحمة الله عليهم يعظمون العلماء ويجلونهم.
دخل الخليفة عبدالملك بن مروان المسجد الحرام يطوف بالبيت هو وابنيه ثم جاء ليسأل عالم مكة وهو عطاء بن أبي رباح، فجلس بين يديه يسأله وهو يجيب. ثم لما انصرف الخليفة قال لولديه: يا بني تعلموا العلم، فوالله لا أنسى جلوسي بين يدي عطاء بن أبي رباح.
وعطاء رحمه الله كان عبداً أسود أفطس مفلفل الشعر، كان أبوه عبداً من العبيد، ولكن رفع الله عطاء بهذا العلم حتى صار الخليفة يأتي إليه ويجلس بين يديه يستفتيه. وهكذا يرفع الله بالعلم أقواماً ويضع آخرين.
إن الأمة اليوم مطالبة أكثر من ذي قبل بالرجوع إلى علمائها المخلصين الصادقين وسؤالهم وأخذ رأيهم والوقوف عند أقوالهم وعدم مخالفتها ما دامت مستندة إلى الأدلة الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
إن علينا جميعاً كأفراد الرجوع إلى علمائنا وسؤالهم عن ما يشكل علينا في أمور ديننا ودنيانا والاستنارة بآرائهم في شئوننا الدنيوية فإنهم ينظرون بنور الله، فلا عجب أن تكون أقوالهم موفقة في أمور الدنيا التي يستطيعون الخوض فيها.
إن علينا أن نقدمهم حيث قدمهم الله ونرفعهم حيث رفعهم الله.
ومما يجب علينا كذلك عدم التعرض لهم بقدح أو غيبة أو استهزاء كما يفعل بعض السفهاء. بل الواجب علينا الذب عن أعراضهم والدفاع عنهم والرد على من ينتقصهم أو يغتابهم، فغيبتهم أعظم من غيبة غيرهم من عوام الناس.
يقول ابن الجوزي رحمه الله: (من أراد أن يعرف رتبة العلماء على الزهاد، فلينظر في رتبة جبريل وميكائيل، ومن خص من الملائكة بولاية تتعلق بالخلق، وباقي الملائكة قيام للتعبد في مراتب الرهبان في الصوامع.
وقد حظي أولئك بالتقريب على مقادير علمهم بالله تعالى. فإذا مر أحدهم بالوحي انزعج أهل السماء، حتى يخبرهم بالخبر حَتَّى إِذَا فُزّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ الْحَقَّ [سبأ:23].
كما إذا انزعج الزاهد من حديث يسمعه سأل العلماء عن صحته ومعناه.
فسبحان من خص فريقاً بخصائص قد شرفوا بها على جنسهم. ولا خصيصة أشرف من العلم. بزيادته صار آدم مسجوداً له، وبنقصانه صارت الملائكة ساجدة.
فأقرب الخلق من الله العلماء، وليس العلم بمجرد صورته هو النافع، بل معناه، وإنما ينال معناه من تعلمه للعمل به. فكلما دله على فضل اجتهد في نيله، وكلما نهاه عن نقص بالغ في مباعدته. فحينئذ يكشف العلم له سره، ويسهل عليه طريقه، فيصير كمجتذب يحث الجاذب، فإذا حركه عجل في سيره. والذي لا يعمل بالعلم لا يطلعه العلم على غروره، ولا يكشف له عن سره)ا.هـ.
فهذا : مقام العلماء عند ربهم. فيجب عندئذ أن نعطيهم حقهم من التبجيل والتوقير. وأن نجعلهم أئمة لنا ليقودونا إلى بر الأمان بإذن الله. وأن نلتف حولهم وتجتمع كلمتنا عليهم ولا نصدر إلا عن رأيهم، ولا نعمل إلا بمشورتهم.
وينبغي أن يعلم أن كلامنا هذا مقيد بطاعة العلماء في طاعة الله، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. يقول تعالى: أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِى الاْمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59]. قال المفسرون: أولي الأمر هم الأمراء والعلماء.
فعلى هذا تكون طاعتهم طاعة لله وقربة لله. نسأل الله أن يرزقنا العلماء العاملين الناصحين إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أشراط الساعة
أشراط الساعة
-----------------------
الحمد لله حمداً لا ينفد، أفضل ما ينبغي أن يحمد. والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء محمد، وعلى آله وصحبه ومن تعبد.
الحديث عن أشراط الساعة لا يقصد به المتعة والتسلية وإنما المراد منه العبرة والعظة، والحذر في الوقوع في ما يسخط الله ويغضبه ومعرفة مآل من فعل ذلك. ونحن اليوم سنذكر بعضاً من أشراط الساعة الصغرى. فنسأل الله أن يعصمنا وإياكم من الفتن.
من أشراط الساعة الصغرى.. استفاضة المال وكثرته والاستغناء عن الصدقة، وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال فيفيض حتى يهم رب المال من يقبله منه صدقته ويدعى إليه الرجل فيقول: لا أرب لي فيه)) [رواه البخاري].
وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: بينما أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل فقال: ((يا عدي هل رأيت الحيرة؟ قلت: لم أرها وقد أنبئت عنها)). قال: ((فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحداً إلا الله)). قال عدي: قلت فيما بيني وبين نفسي: فأين ذعار طيء الذين قد سعروا البلاد؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى. قلت: كسرى بن هرمز؟! قال: كسرى بن هرمز. ولئن طالت بك حياة لترين الرجل يخرج ملئ كفه من ذهب أو فضة يطلب من يقبله منه فلا يجد أحداً يقبله منه)) قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز، ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال النبي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم يخرج ملئ كفه.
وقد تحقق كثير مما أخبرنا به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم فكثر المال في عهد الصحابة رضي الله عنهم بسبب ما وقع من الفتوح واقتسموا أموال الفرس والروم ثم فاض المال في عهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله فكان الرجل يعرض المال للصدقة فلا يجد من يقبله.
وسيكثر المال في آخر الزمان حتى يعرض الرجل ماله فيقول الذي يعرض عليه: لا حاجة لي فيه.
وكذلك من أشراط الساعة ظهور الفتن: والفتن هي جمع فتنة، وهي الابتلاء والامتحان والاختبار ثم كثر استعمالها فيما أخرجه الاختبار للمكروه ثم أطلقت على كل مكروه أو آيل إليه كالإثم والكفر والقتل والتحريف وغير ذلك من الأمور المكروهة.
وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن من أشراط الساعة ظهور الفتن العظيمة التي يلتبس فيها الحق بالباطل، فتزلزل الإيمان حتى يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، كلما ظهرت فتنة قال المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف ويظهر غيرها فيقول: هذه هذه، ولا تزال الفتن تظهر في الناس إلى أن تقوم الساعة.
وقد روى الإمام مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا)) وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة جامعة، فاجتمعنا فقال رسول الله: ((إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء الفتنة فيرقق بعضها بعضاً، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر)) [رواه مسلم].
وأحاديث الفتن كثيرة جداً، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من الفتن وأمر بالتعوذ منها وأخبر أن آخر هذه الأمة سيصيبها بلاء وفتن عظيمة، وليس هناك عاصم منها إلا الإيمان بالله واليوم الآخر ولزوم جماعة المسلمين، وهم أهل السنة وإن قلّوا، والابتعاد عن الفتن والتعوذ منها فقد قال عليه الصلاة والسلام: ((تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن)) [رواه مسلم].
وهانحن نرى الفتنة تلو الفتنة تحل بالأمة، والأمة تقع فيها واحدة تلو الأخرى إلا من رحم الله، وكلما جاءت فتنة جديدة رأينا أن التي كانت قبلها أهون منها.
واعلموا رحمني الله وإياكم أن من أكابر الفتن التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم اتباع سنن الأمم الماضية وهم اليهود والنصارى، وقد قلّد بعض المسلمين في أيامنا هذه الكفار وتشبهوا بهم وتخلّقوا بأخلاقهم وأعجبوا بهم، وهذا مصداق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبراً بشبر وذراعاً بذراع. فقيل: يا رسول الله كفارس والروم؟ فقال: "ومن الناس إلا أولئك)) [رواه البخاري]. وفي رواية عن أبي سعيد الخدري قلنا يا رسول الله! اليهود والنصارى، قال: ((فمن؟!)) [رواه البخاري ومسلم].
ومن علامات الساعة الصغرى كذلك ظهور من يدعي النبوة من الكذابين وهم قريب من ثلاثين كذاباً، وقد خرج بعضهم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد الصحابة ولا يزالون يظهرون ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين، كلهم يزعم أنه رسول الله))، وليس التحديد في الأحاديث بثلاثين مراداً به كل من ادعى النبوة مطلقاً فإنهم كثير لا يحصون، وإنما المراد من قامت له شوكة وكثر أتباعه واشتهر بين الناس وممن ظهر من هؤلاء الثلاثين مسيلمة الكذاب والأسود العنسي والمختار بن أبي عبيد الثقفي.
وظهر في العصر الحديث مرزا أحمد القادياني بالهند وادعى النبوة، وأنه المسيح المنتظر، وأن عيسى ليس بحي في السماء إلى غير ذلك من الادعاءات الباطلة وصار له أتباع وأنصار وانبرى له كثير من العلماء فردوا عليه وبينوا أنه أحد الدجالين، ولا يزال خروج هؤلاء الكذابين واحداً بعد الآخر حتى يظهر آخرهم الأعور الدجال فقد روى الإمام أحمد عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم كسفت الشمس على عهده: ((وإنه والله لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذاباً آخرهم الأعور الدجال)).
وكذلك من علامات الساعة الصغرى ضياع الأمانة فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قال كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)).
وبيّن النبي صلى الله عليه وسلم كيف ترفع الأمانة من القلوب وأنه لا يبقى منها في القلب إلا أثرها. روى حذيفة رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر: حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم علموا من القرآن ثم علموا من السنة، وحدثنا عن رفعها قال: ((ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل أثر الوكت -الوكت: الأثر في الشيء كالنقطة من غير لونه- ثم ينام النومة فتقبض فيبقى أثرها مثل المجل -الخشونة التي تصيب الكف- كجمر دحرجته على رجلك فنفط -أثر الحرق الذي ينتفخ ويمتلئ ماء- فتراه منتبراً -أي متورماً- وليس فيه شيء فيصبح الناس يتبايعون فلا يكاد أحدهم يؤدي الأمانة فيقال: إن في بني فلان رجلاً أميناً. ويقال للرجل: ما أعقله وما أظرفه وما أجلده وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ولقد أتى علي زمان و ما أبالي أيكم بايعت لئن كان مسلماً رده الإسلام، وإن كان نصرانياً رده علي ساعيه، فأما اليوم فما كنت أبايع إلا فلاناً وفلاناً)) [رواه البخاري].
ففي هذا الحديث بيان أن الأمانة سترفع من القلوب حتى يصير الرجل خائناً بعد أن كان أميناً، وهذا إنما يقع لمن ذهب خوفه من الله وضعف إيمانه وخالط أهل الخيانة فيصير خائناً.
ومع الأسف كثر الغش والخيانة عند بعض المسلمين هداهم الله، ففي التجارة مثلاً ظهر الغش والخيانة، وفي الصناعة، والزراعة، وتعامل الناس مع بعضهم البعض إلا من رحم الله. نسأل الله تعالى أن يصلح الحال.
الاثنين، 11 مايو 2015
Glary Utilities PRO v5.25.0.44 Multilingua
Glary Utilities PRO v5.25.0.44 Multilingua
Glary Utilities
يوفر حلا لتحسين أداء جهاز الكمبيوتر
زيادة سرعة الكمبيوتر وإصلاح الأخطاء المحبطة، وتحطم وتجميد
ميزات بنقرة واحدة،وظيفية وسهلة، وخيارات الآلي
يحمي خصوصيتك ويجعل جهاز الكمبيوتر أسرع وأنظف
منهاج: ويندوز 8، 7، 2000، XP، ويندوز فيستا. الإصدار 32 / 64BIT.
Glary Utilities PRO v5.25.0.44 Multilingua
Glary Utilities
Provides a one-stop solution for PC performance optimization
Boost PC speed and fixes frustrating errors, crashes and freezes
Features one-click functionality and easy, automated options
Protects your privacy and makes your computer faster and cleaner
Release Notes:
- Optimized Memory Optimizer: optimized code and added the function of saving configuration information on exit
- Fixed File Encrypter: it will cause a crash when using a nonexistent control ID
- Fixed Registry Rpair: stagnation occurred during registry scan
- Optimized Disk Space Analyzer: added right-click menu in right navigation and added 'Delete' option in right-click menu of file list
- Added 'Remove' button in the window of system restore point
- Disabled the tips of hiding tray button
- Minor GUI improvements
- Minor bug fixes
Platform: Windows 8, 7, 2000, XP, Vista. 32/64bit version.
Homepage:
http://www.glarysoft.com
لتحميل البرنامج
WinUtilities Pro 11.38 + Key
الوصف:
برنامج WinUtilities برو هو أداء النظام وتحسين مجموعة متعدد الوظائف لمايكروسوفت ويندوز. هذه مجموعة من الأدوات تتيح لك سهولة أداء جهاز الكمبيوتر الخاص بك، وتعزيز بأمنها،
التعديل النهائي والأمثل اإلعدادات وتخصيصها وإضفاء الطابع الشخصي على شاشات الكمبيوتر.
برنامج WinUtilities برو يوفرالكل في واحد خدمة عناية PC مع أمن معالجة، سجل فيكس، حماية الخصوصية،لأداء ضبط المحرك، وقدرات نظام التنظيف.
كما يقوم بإنشاء وتجربة أكثر أمانا عبر الإنترنت مع أحدث حماية تصفح والتكنولوجيا ، وضمان لك أعلى الأمن على شبكة الإنترنت والحد الأقصى لأداء جهاز الكمبيوتر.
يتضمن هذا الجناح نظام اللف أكثر من 20 أدوات لتحسين قرص أداء جهاز الكمبيوتر .
برنامج WinUtilities برو يوفر واجهة جذابة وسهلة الاستخدام والذي ينظم جميع المهام في فئات ويوفر الإحصاءات البيانية كلما أمكن ذلك.
تحميل الملف
http://www.gulfup.com/?lZ5aAU
بدع رجب