الخميس، 26 فبراير 2015

أيُّ جِوَارٍ هذَا

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ. أَمَّا بَعْدُ: فَيَا عِبَادَ اللهِ: مَنْ لَحِقَهُ أذَى مِنْ جِيْرَانِهِ أوْ أدَرْكَتْهُ مِنْهُمْ إسَاءَةٌ فَعَلَيْهِ أنْ يَتَحَمَّلَ أذاهُمْ، وَيَصْبِرَ عَلَى بَلْوَاهُمْ، وَلا يُقَابِلَ ذَلِكَ بِمِثْلِهِ بَلْ يَعْفُو ويَصْفَحُ وَلَهُ في الرَّسُولِ الكَرِيْمِ أسْوَةٌ حَسَنَةٌ، وَقُدْوَةٌ طَيِّبَةٌ، فَلَقَدْ كانَ لهُ وهُوَ في مكةَ جِيْرَانُ سُوءٍ مِنْ ألَدِّ أعْدَائِهِ، سَخِرُوا مِنْهُ وَاسْتَهْزَءُوا بِهِ وَأمْعَنُوا في إيْذَائِهِ حَتَّى وَصَلَ بِهِمُ الأمْرُ إلى أنْ سَدُّوا عَلَيْهِ الطَّرِيْقَ إلى بَيْتِهِ، ووضعوا القاذوراتِ على بَابِهِ فكانَ يُزِيْلُ كُلَّ هذا ولا يَزِيْدُ عَلَى أنْ يَقُولَ:(( أيُّ جِوَارٍ هذَا يَا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ ))وَلَمَّا هَاجَرَ إلَى المَدِيْنَةِ كَانَ لَهُ جِيْرَانٌ مِنَ اليَهُودِ يُضْمِرُونَ لَهُ العَدَاوَةَ والبَغْضَاءَ بَيْدَ أنَّهُ كانَ يَرْفُقُ بِهِمْ، وَيَقْتَرِضُ مِنْهُمْ، وَيُهْدِى إليهِمْ، ويُوَاسِيهِمْ، فَلَمَّا وَجَدُوا حُسْنَ مُعَامَلَتِهِ، وأدْرَكُوا مَحَاسِنَ أخْلاقِهِ آمَنُوا بِهِ، وَقَدْ نَصَحَ الرَّسُولُ e مَنْ جَاءَ يَشْكُو جَارَهُ فَقَال لهُ: اذْهَبْ فَاصْبِرْ فَأتَاهُ مَرَّتَيْنِ أوْ ثلاثاً فَقَالَ: اذْهَبْ فاطْرَحْ مَتَاعَكَ في الطَّرِيْقِ فَفَعَلَ فَجَعَلَ النَّاسُ يَمُرُّونَ وَيَسْألُونَهُ فَيُخْبِرُهُمْ خَبَرَ جَارِهِ فَجَعَلُوا يَلْعَنُونَهُ فَعَلَ اللهُ بِهِ وَفَعَلَ، وَبَعْضُهُمْ يَدْعُو عليهِ فجاءَ إليهِ جَارُهُ وقالَ: ارْجِعْ فإنَّكَ لنْ تَرَى مِنِّى شَيْئَاً تَكْرَهُهُ )) وَلِذَلِكَ يُوصِيْنَا الْنَّبِيُّe بِقَوْلِهِ: ((إنَّ اللهَ قَسَّمَ بَيْنَكُمْ أَخْلاقُكُمْ كَمَا قَسَّمَ بيَنْكُمْ أرْزَاقَكُمْ وإنَّ اللهَ تعَالَى يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لا يُحِبُّ، ولا يُعْطِي الدِّينَ إلاَّ مَنْ أحَبَّ فَمَنْ أعْطَاهُ الدِّيْنَ فقدْ أحَبَّهُ والذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يَسْلَمُ عَبْدٌ حَتَّى يَسْلَمَ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ ولا يُؤْمِنُ حَتَّى يَأمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ)) .


0 التعليقات:

إرسال تعليق