الخميس، 26 فبراير 2015

مات المعلم


مات المعلم

 الحمد لله ولي الصالحين ولا عدوان إلاّ على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، أرسله إلى جميع الثقلين بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واستن بسنته إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.أما بعد, قال الله تعالى:إِنَّكَ مَيّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيّتُونَ لما انتهت رسالة الحبيب المصطفى، وكان بشراً كالبشر، إنساناً كالإنس كتب الله عليه الفناء، كتب الله الموت عليه وعلى كل مخلوق: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبّكَ ذُو ٱلْجَلْـٰلِ وَٱلإكْرَامِ وجاءت النهاية المحتومة، نزل ملك الموت إلى النبي ص، يصطحبه جبريل، ويستأذن له أن يدخل على النبي ص، ثم يدخل ملك الموت ويستأذن النبي ص ولم يستأذن أحداً بعده، ثم يقبض روحه، وتفيض الروح إلى باريها، وما إن انتهى الصحابة من دفن ذلك الجثمان الطاهر، حتى أحسوا من قلوبهم تغيراً واضحاً، مات المعلم، مات الموجه، وتفتحت أبواب الدنيا للناس، فتنافسوها فيها.أمة الإسلام عباد الله, ما مات رسول الهدى، حتى بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، وترك الأمة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلاّ هالك.ومع مضي السنين بدأ الناس في ابتعاد عن دينهم، والله المستعان.مات أعظم رجل رسول الله ص وهو مازال يوصي بتعاليم دين الله, يوصي بالصلاة، ويوصي بالنساء، ويوصي بالاجتماع، ويحذر من الفرقة, ثم تلاشت تلك النصائح المحمدية من قلوب الناس إلاّ من رحم ربك. نسال الله العفو والعافية هذا وأكثروا من الصلاة والسلام على نبي الرحمة، محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه وسلم امتثالاً لأمر ربكم جل وعلا حيث يقول: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا أن تهب لنا قلوبا لينة تخشع لذكرك وشكرك.اللهم إنا نسألك قلوبا تطمئن لذكرك.اللهم إنا نسألك اللسنة تلهج بذكرك.اللهم إنا نسألك إيمانا كاملا، ويقينا صادقا، وقلبا خاشعا، وعلما نافعا، وعملا صالحا مقبولا عندك يا كريم.اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن.سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين.والحمد لله رب العالمين.


محمداً( ص) فخر لكل مسلم

  أيها المؤمنون بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد عليه الصلاة والسلام رسولاً ونبياً،  لا تؤمن حتى تحبه ولا تكفي محبته بل والله لابد أن يكون أعظم محبوب في قلبك بعد الله، وأجلّ إنسان في نظرك، وأكرم مخلوق هو إنسان لكن ليس كأي إنسان وبشر لكن ليس كأي بشر يسري حبه في عروق الصالحين والعابدين كما يسري الدم في العروق يفضل حبه على الآباء والأمهات وعلى البنين والبنات، لا بد أنكم عرفتموه، إنه إمام الهدى ونور الدجى وزعيم الأمة وسيد الأولين والآخرين إنه محمد بن عبد الله ص وعلى آله وأزواجه وأصحابه صلاةً وسلاماً متلازمين إلى يوم الدين ذلك النبي الأمي الذي أنار الله به البشرية وأنقذها من الجهالة والتبعية بعثه ربه إلى أمة الخمور والزنا والعهر والفجور فتحولت بإذن الله إلى أمة الخير والفلاح والنجاة والصلاح بعثه الله قائداً ومعلماً ومرشداً ورحيماً وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا وكلامنا اليوم عن الحبيب ص بذكره نعيد أذهاننا مئات السنين إلى الوراء ونستمع إلى أصحابه وهم يصفونه كأنك تراه أمامك ونقف مع بعضنا إلى شيء من حياته كيف كان يعيش ص إن محمداً ص فخر لكل مسلم، رجل كلمه الله بلا ترجمان رجل أقسم الله بروحه وبحياته، وفي هذا تشريف عظيم ومقام رفيع وجاه عريض قال ابن عباس عند قوله تعالى: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِى سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ قال:(ما خلق الله ولا ذرأ ولا برأ نفساً أكرم عليه من محمدٍ ص، وما سمعت الله أقسم بحياة غيره) فأي مكانة تلك وأي تشريف هذا ولهذه المنزلة العظيمة، والمكانة الكريمة لم يكن الإنسان مؤمناً حتى يكون عليه ص أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين، بل محبته ص من أسباب تذوق حلاوة الإيمان قال ص:((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلاّ لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار)).ولمحبته ص علامات وأمارات تدل على صدق المحبة في قلب المسلم، فمن علامات المحبة له تصديقه والإيمان بكل ما جاء به، والحذر الحذر من إنكار شيء أتى به ص، فإن إنكار شيء مما جاء عن الله أو ثبت عن رسوله كفر وخروج عن الملة والدين.ولذلك فمن علامات الكفر الصريح والنفاق الواضح: التولي والإعراض عن الله ورسوله. وَيِقُولُونَ امَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مّنْهُمْ مّن بَعْدِ ذٰلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ حتى قوله تعالى إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُواْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ. ومن علامات محبته إتباعه فيما أمر، وعدم مخالفته، فإن بعض من يدعي حب النبي ص ينفرون من متابعته في هديه وسنته، وهذا ناقص المحبة إن لم يكن فاقدها بالكلية، فإن المحب لمن يحب مطيع، وفي ذلك إيذان بهلاك الله للعبد المخالف للرسول ص، قال الله تعالى: فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَٰلِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، فهي مخالفة يُخشى على صاحبها من الهلاك في الدنيا والآخرة.ولذلك تجد الصالحين الصادقين في محبته ص يتبعونه في أمور حياته أعظم إتباع، بل وُجِد من الصحابة من شرب دم النبي ص حين احتجم، وهو عبد الله بن الزبير، وكاد الصحابة يقتتلون على شعره حين حلقه في الحج، فأعطى أبا طلحة نصفه، فبكى أبو طلحة من شدة الفرح أي محبة أعظم من هذه.أيها المؤمنون وأرى بأن بعض النفوس قد تشوقت إلى ذكر بعض صفاته ص، وقد وجدت في كتب السلف حرصاً منهم على تخليد صورته في الأذهان والعقول يتمنون معرفة صفاته ص كان عليه ص ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير، معتدل القامة، أبيض مليح الوجه مستدير، إذا تبسم فكأنما وجهه كالبدر المنير من جماله ص، وكان رجل الشعر، أزهر اللون، مشرباً بحمرة، في بياض ساطع، أكحل العين، وليس بهما كحل، طويل أهداب العين، طويل النظر إلى الأرض، شديد الحياء، لا يثبت بصره في وجه أحد، أسود الشعر، كثيف اللحية، إذا مشى كأنه يتكفأ، وإذا التفت التفت بجميع بدنه، واسع الفم، حسن الأنف، ضخم اليدين، لينهما، مات عليه ص ولم يبلغ شيب رأسه ولحيته عشرين شيبة حدث عنه جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: (رأيت الرسول ص في ليلة أضحيان أي ليلة مكتملة البدر فجعلت أنظر إلى الرسول ص وإلى القمر، وعليه حلة حمراء، فإذا هو عندي أحسن من القمر).وحدثت عائشة رضي الله عنها فقالت: (ما رأيت رسول الله ص مستجمعاً قط ضاحكاً تعني غارقاً في ضحكه وإنما كان ضحكه التبسم. إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سما وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأجلاهم وأحسنهم من قريب، حلو المنطق، فصل، لا نزر ولا هذر، له رفقاء يحفون به، إذا قال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا لأمره، محشود محفود تعني محاط من أصحابه ومطاع لا عابس ولا مفند تعني طلق الوجه ليس بعابس وكلامه خال من الخرافات ومن أعظم صفاته ص خاتم النبوة، وكان بين كتفيه، قال جابر بن سمرة: (رأيت الخاتم بين كتفي رسول الله ص غدة حمراء مثل بيضة الحمام، يشبه جسده).وكان للرسول ص رائحة أطيب من المسك والعنبر، فعن أنس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله ص أزهر اللون، كأن عرقه اللؤلؤ، إذا مشى تكفأ، وما مسست ديباجاً، ولا حريراً ألين من كف رسول الله ص، ولا شممت مسكاً، ولا عنبراً، أطيب من رائحة النبي ص).وعن أنس أيضاً قال: قال يعني نام في القيلولة قال عندنا الرسول ص فعرق، فجاءت أمي بقارورة، فجعلت تأخذ العرق فيها، فاستيقظ النبي ص فقال:((يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين))قالت هذا عرقك نجعله في طيبنا، وهو أطيب من الطيب.وكان ص يُعرف منه ريح الطيب إذا أقبل، فأي جمال هذا وأي حسن هذا هذه صفاته كلها كمال إنساني وتجميل رباني.أما أسماؤه فله خمسة أسماء قال عليه ص:((لي خمسة أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي)).وسماه الله فقال تعالى: لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءوفٌ رَّحِيمٌ.ويجري الله على يد هذا النبي العظيم أعظم المعجزات، لتدل على صدقه في دعوته، فأولها معجزة القرآن، هو كلام من جنس كلام العرب، ولكن الله سبحانه تحداهم أن يأتوا بمثله فلم يستطيعوا، فكان المعجزة الكبرى.وتحدت قريش رسول الله أن يشق لهم القمر نصفين ليستدلوا على أنه صادق فأشار بيده فانشق القمر نصفين في السماء وكان يأخذ الطعام اليسير بين يديه أي القليل، فيبارك الله فيه فيطعم به الجيش ويشبعهم ويزيد احتاج الصحابة إلى ماء ذات مرة ليشربوا ويتطهروا فلم يجدوا إلاّ قدحاً فيه ماء قليل فوضع عليه الصلاة والسلام كفه الشريفة فيه فنبع الماء من بين أصابعه عليه الصلاة والسلام،كأنه عيون فشربوا منه وتوضؤوا جميعاً.وكان يخطب إلى جذع نخلة فصنع له منبر ليخطب عليه، فلما قام فوق المنبر، إذا بصوت بكاء وحنين، فإذا هو جذع النخلة يبكي على فراق الرسول ص، فينزل عليه الصلاة والسلام من على منبره ويضم الجذع فيسكن.وشكا صحابي إليه بعيراً له لا يطيعه، فذهب النبي إلى البستان، فجاء البعير مسرعاً حين رأى النبي حتى أطرق عنده وشكا إليه قسوة الصحابي ودموعه تذرف، فعرف ذلك النبي، وأمر الرجل بالإحسان إليه.وخرج يوماً إلى الخلاء لقضاء حاجته، فلم يجد ما يستتر به إلاّ شجرتين متباعدتين، فدعاهما إليه، ثم أمرهما فافترقتا.وجعل له السم في ذراع شاة، فكلمه ذراع الشاة المسمومة، بأنه مسموم، وكان يمسح على الشاة الهزيلة فتدر لبناً بإذن الله.وجاءه علي بن أبي طالب يشكو رمداً في عينه فتفل في عينه فصح من حينه، ولم يرمد بعدها أبداً. وجاءه رجل وعينه مدلاة قد سقطت، فأخذها بكفه، فردها مكانها، قال الصحابي: فكانت خيراً من أختها، وكانوا يسمعون تسبيح الطعام بين يديه عليه الصلاة والسلام.ومعجزاته، أكثر لا نستطيع أن نذكرها كلها لضيق الوقت، فقد ألفت الكتب في ذلك.ومع كل هذه المعجزات للنبي عليه الصلاة والسلام،لم يتكبر ولم يتباهى أو يفخر، وإنما ظل باكياً خاشعاً، تدمع عيناه، ويتفاعل مع أصحابه، يحزن لحزنهم، ويضحك لضحكهم.كما قال ربه: مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مّن رّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيّينَ نفعني الله وإياكم بهدي كتابه..

كيف يغرق من بيده طوق النجاة؟


كيف يغرق من بيده طوق النجاة؟

الْحَمْدُ للهِ رب العالمين، الملك الوهاب، يتوب على من تاب، ويقبل عودة من عاد إليه وأناب، أحمده سبحانه بما هو له أهل من الحمد واثني عليه، وأومن به وأتوكل عليه، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وَأشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، غفَّار الذنوب وعلاَّم العيوب، ومقلب القلوب، وَأشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُه وَرَسُولُهُ، وصفيُّه من خلقه، ومصطفاه وحبيبه، الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير والبشير النذير اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وَعَلَى آلِهِ وَأصَحْابِهِ، ومن سلك نهجهم و اهْتَدَى بِهَدْيِهِم إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.أَمَّا بَعْدُ: فَيَا أيُّهَا المُسْلِمُونَ: اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، واعلموا أن التوبة الصادقة النصوح، هي باب رحب مفتوح، يدعونا القرآن الكريم إلى وُلُوجِهِ، ويَحُثُّنَا على دخوله يقول الله تبارك وتَعَالَى: , يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً - ، إن المؤمن قد تنزلق قدمه فيعصي الله وهو سائر إلى الله، إنه وهو يؤدي ما عليه من واجبات يُفاجأ بسقطة في المعصية، فلا يواصل السقطات بل يدهش مما حدث، ويخجل مما وقع، ويتوب فورا إلى الله فيتوب الله عليه لأنه تاب من قريب، والله بفضله ورحمته ضمن قبول توبته يقول الله تَعَالَى: , إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً - ، إن في الإنسان مادتان مادة طينيه، ونفخة إلهية، يمثل مادته الطينية جسده المكوَّن من لحم وشحم ودم وعظم وغير ذلك، ويمثل النفخة الإلهية روحه،فهو أحيانا يخلد إلى الطين فيسقط ويزل، فعفو الله يتسع لهذه السقطات إذا تاب إلى الله وأناب دون إبطاء وتسويف يقول الله تَعَالَى: , الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الاِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ - ، وعلَّل الله هذا العفو فقال: , هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ - ، إن التوبة تصحيح سريع لكل خطأ ومتابعة مستمرة لكل سيئة وهي إذا كانت صادقة نصوحا محت الخطايا وعاد بها التائب كما ولدته أمه كأنه أُنشئ نشأة أخرى.

يقول الرسولe : ((إذا تاب العبد من ذنوبه أنسى الله عز وجل حفظته ذنوبه وأنسى ذلك جوارحه ومعالمه من الأرض حتى يلقى الله يوم القيامة وليس عليه شاهد من الله بذنب)) ، بل إن البشرى تُزَفُّ إلى التائبين الصادقين في توبتهم بما هو أكثر من محو الذنوب وذلك بتبديل السيئات حسنات يقول الله تَعَالَى: , إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً - ، وقد قيل: ((التوبة النصوح يجمعها أربعة أشياء: الاستغفار باللسان والإقلاع بالأبدان، وإضمار ترك العود بالجنان، ومهاجرة سيئ الإخوان)) ، وإذا كانت التوبة من ذنب لا حقَّ لآدمي فيه فلا بُدَّ من توافر ثلاثة شروط فيها: أحدها الإقلاع عن المعصية ، وثانيها الندم على ما مضى، وثالثها العزم على عدم العود إلى الذنب، فإن تعلق بالذنب حق آدمي بريء من حق صاحبه، فإن كان مالا ردَّه، وإن كان قذفا مَكَّنَ المقذوف من نفسه أو طلب العفو منه، وإن كانت غيبة استحلَّه منها.

عِبَادَ اللهِ :

لا تستعظموا أمام عفو الله وسعة رحمته ذنبا من الذنوب فمهما كان الذنب عظيما، والجرم جسيما فعفو الله أعظم واحذروا القنوط واليأس فإنه سلاح من أسلحة إبليس، يظل يوسوس للمذنب بأنَّ ذنبه أكبر وأعظم مِنْ أن يكون له توبة، حتى يتمادى المذنب في ارتكاب الذنب وما هو أخطر منه وأعظم، ولهذا حذَّر الله من اليأس وجعله سبيل الكافـرين يقـول الله تَعَالَى: , إنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ - ، وحذَّر من القنوط وجعله طريق الضالين يقول الله تَعَالَى: , وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ - ، ويقول: , قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ - ، إن الذي يظن أن تخويف الناس وترهيبهم أحق وأولى وأصلح من تبشيرهم وفتح باب الأمل أمامهم رَكِبَ أعظم الشطط، وغلط أقبح الغلط، فالقرآن الكريم فيه البشارة والنذارة، يقول الله تَعَالَى: , نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ، وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ - ، وقد قدَّم الله المغفرة والرحمة على العذاب، وذكر الرحمة والمغفرة بأبلغ التأكيدات على أنهما صفتان له سبحانه فقال: , إني أنا الغفور الرحيم - ، وحين ذكر العذاب لم يقل أنا المعذب كل هذا وغيره في القرآن الكريم يفتح أمام العبد أبواب الأمل، فيعود إلى الله على عجل، لأن التسويف هلاك يقول الرسول e : ((هلك المسوفون))، ويقول: ((احذروا التسويف فإن الموت يأتي بغتة ولا يغترن أحدكم بحلم الله عز وجل فإن الجنة والنار أقرب إلى أحدكم من شراك نعله ثم قرأ: , فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ - ، ويقول تَعَالَى: , وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً - ، إن الذي ينكب على المعاصي باستمرار مستهينا بمن عصاه ، غير عابئ بمراقبة الله قد تحاصر المعاصي إيمانه حتى تخنقه يقول الرسول e: ((إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة فإذا هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه وهو الران الذي قال الله :كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )).

فاتقوا الله ـ عِبَادَ اللهِ : ـ واحذروا المعاصي والإصرار عليها، واتقوا إِلْفَهَا والركون إليها، فإذا زللتم ووقعتم فيها فأسرعوا بالتوبة إلى العزيز الغفار، واحذروا التسويف والإصرار فإنه لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع التوبة النصوح وكثرة الاستغفار.


*** *** ***


إن التوبة هي طوق النجاة للمذنبين، فكيف يغرق من بيده طوق النجاة؟ وكيف يضل في كل اتجاه؟ إن الطريق أمامكم مرسوم والسبيل إلى إصلاح الخلل معلوم، ليس العيب في حدوث الأخطاء فكل بني آدم خطَّاء، إنما العيب كل العيب في الإصرار على الخطأ والاستمرار عليه، لقد أوضح القرآن الكريم والرسول الكريم أمامكم السبيل ونصبا الهادي والدليل فلا تركنوا إلى الضلال وتَدَعُوا الهدى وإلا ضاعت حياتكم وأخراكم سدى، واعلموا أن من أحسن فيما بقى له من عمر ليس كمن أساء فيه يقول الرسولe : ((من أحسن فيما بقى غفر له ما مضى، ومن أساء فيما بقى أخذ بما مضى وما بقى)) ، عليكم أن تخافوا الله وترجو رحمته فبالخوف والرجاء يأمن المسلم من الهلاك وينجو، لقد دخل رسول الله e على شاب وهو في الموت فقال: ((كيف تجدك ، قال: أرجو الله يا رسول الله وأخاف ذنوبي فقال رسول الله e : لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وأمنه مما يخاف)).

وحسِّنوا ظنكم بالله فإن حسن الظن من حسن العبادة فعن جابر ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَ ـ أنه سمع النبي e قبل موته بثلاثة أيام يقول: ((لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل)).

لنكن من الخاشعين


الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على إمام المتقين وقدوة الناس أجمعين وعلى آله وصحبه والتابعين.أسمع معي يا عبد الله وعش معي لنكن من الخاشعين.إذا سمعنا الأذان ونداء التوحيد الله أكبر الله أكبر فلنستحضر في قلوبنا هول النداء يوم القيامة يوم الصآخة ويوم الحآقة يوم الزلزلة يوم ينادى على كل إنسان للعرض على الله عز وجل فإن كنا المسارعين إلى هذا النداء في الدنيا هم الذين ينادون يوم القيامة باللطف واللين فللعبد موقفين بين يدي الله في الصلاة ويوم القيامة فإذا أحسن العبد وقوفه في الصلاة سهل عليه الوقوف العظيم يوم القيامة يوم يقوم الناس لرب العالمين قال: أحد العباد ما سمعت النداء: إلا تذكرت هول النداء للعرض على الله يوم القيامة(يوم تعرضون لا تخفى منكم خافيه) فإذا تطهرنا للصلاة لا بد أن نتطهر ظاهرا وباطنا فلنخرج من قلوبنا كل غلٍ وحسد وبغضاء وليكن شعارنا (ربنا لا تجعل في قلوبنا غلا للذين أمنوا ربنا انك رؤوف رحيم) فإذا دخلنا في الصلاة كبرنا وقلنا الله أكبر فإذا نطقت ألسنتنا بالتكبير فينبغي أن لا نكِذب ذلك بقلوبنا فلنقل الله أكبر باللسان والقلب واعلموا أيها الأحبة فوالله فلا شيء أكبر من الله لا دنيا ولا مال ولا أهل ولا شهوة. الله أكبر ثم نقرأ دعاء الاستفتاح وقل في قلبك وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض ولنتوجه بقلوبنا وأجسادنا إلى الله خالق كل شيء إلى الله رب كل شيء.ثم نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ولنعلم أن هذا الشيطان هو عدونا المتربص بنا ليبعدنا عن الخشوع أمام علام الغيوب.ثم نبدأ في قرأة أم الكتاب الفاتحة الشافية الكافية السبع المثاني .فإذا قلنا الحمد لله رب العالمين قال الكريم حمدني عبدي فإذا قلنا الرحمن الرحيم قال الكريم أثنى علي عبدي فإذا قلنا مالك يوم الدين قال الكريم مجًدني عبدي فإذا قلنا إياك نعبد وإياك نستعين قال الكريم هذا لعبدي ولعبدي ما سأل الله أكبر لو لم يكن من الصلاة إلا ذكر الله ومع هذا الفضل ومن الناس من يقرأ وهو غافل يتحرك اللسان والقلب غافل ألم تسمعوا لقول الذي خلق الأرض والسموات (أفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) لذا ينبغي أن نحرص على تدبر ما نقرأ من السور فهذا أحد التابعين لما قرأ قوله تعالى: (فإذا نقر في الناقور) خر ميتاً وكان يصلي الصبح. وكان إبراهيم النخعي إذا سمع قوله تعالى: إذا السماء انشقت اضطرب حتى تضطرب أوصاله. وفي السجود نبذل انكسار وخشوع لله وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فلنستشعر ذلنا. وفي التشهد نجلس جلوس تأدب ووقار بين يدي الله ثم نرفع كل معان المدح والثناء والتحيات لله والصلوات الطيبات لله. ثم نسلم على المصطفى ص ولو بعدت المسافات يسمع صلاتنا ونسلم عليه بوقار وأدب السلام اللهم صلي على رسولك ونبيك محمد عليك ونذكر أنه هو السبب بعد الله في خروجنا من الظلمات إلى النور السلام ثم نقول (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فكل عبد صالح في الأرض نحن نسلم عليه هذا لنعلم أننا بغير الصالحين في ضياع أننا بغير نصرة الصالحين في ضياع السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ثم نجدد العهد والميثاق مع الله ونؤدي الشهادتين بإخلاص وإيمان ونصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وندعو بما علمنا النبي ص (اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا فأغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) ونستعيذ بالله من شر عذاب القبر وعذاب جهنم ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال.ثم نسلم على الملائكة والحاضرين من المسلمين ثم نستغفر الله من كل نقص وتقصير في صلاتنا .هكذا هي صلاة الخاشعين هكذا هي صلاة المنيبين سئل حاتم الأصم عن صلاته فقال: أقوم إلى صلاتي وأجعل الكعبة بين حاجبي والصراط تحت قدمي والجنة عن يميني والنار عن يساري وملك الموت على رأسي وأظنها أخر صلاتي ثم أكبر تكبيرا بتحقيق وأقرأ قراءة بترتيل وأركع ركوعاً بتواضع وسجود بخشوع ثم أسلم ولا أدري أقبلت صلاتي أم لا. هاهو على بن أبي طالب إذا حضرت الصلاة يتزلزل ويتلون فقيل له مالك. فيقول: جاء وقت أمانه عرضت على السماوات والأرض فأبين أن يحملنها وحملتها أنا. وهاهو على بن الحسين كان إذا توضأ اصفر لونه فقيل له ما هذا ما الأمر قال: أتدرون بين يدي من سأقف.الله أكبر الله أكبر هاهي أم المؤمنين عائشة تقوم في ساعةٍ من الليل فتبحث عن النبي فلا تجده في فراشه وتتلمسه بيدها فتصل يديها إلى قدم النبي ص وهو ساجد قد سمعته وهو يدعو الله في سجوده ويقول(اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت علي نفسك) قال بن القيم كان بعض السلف يصلي في اليوم والليلة أربع مائة ركعة ثم يقبض علي لحيته ويقول لنفسه: يا مأوى كل سوء وهل رضيتك لله طرفة عين. هذا كله حياء من الله تعالى. هذه حياة الخاشعين الذين هم على صلاتهم يحافظون وعليها دائمون وبين يدي ربهم خاضعون. إنها الصَّلاةُ يا عباد الله: قرَّةُ عيونِ الموَحِّدين، ولذَّةُ أرواح المحبين، وبستان العابدين وثمرة الخاشعين. فهيَ بستَانُ قلوبهم ولذَّةُ نفوسهم.فيها يتقلبون في النعيم ويتقربون إلى الحليم الكريم عبادة عظَّم الله أمرها وشرَّف أهلها وهي آخر ما أوصى به النبي عليه السلام وآخر ما يذهب من الإسلام وأول ما يسأل عنه العبد بين يدي الملك العلام هذا هو واقع الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم مع الصلاة يفزعون إليها عند النوائب ويلوذون بها في النوازِلِ يتعرف بها أحدهم إلى الله في الرخاء فيعرفه ربه في الشدة هي بوابة للرحمات ومفتاح الكنز الذي من حصله حاز الخيرات وكانت لأحدهم رَبيع قَلْبِهِ وحياة نفسه، وقُرّة عَيْنِهِ، ولذة جسده، بل هي جلاءً حُزْنِهِ وذَهاب همِّه وغَمّه وقد أشار المصطفى ص إلى ذلك حين قال: (أرحنا بها يا بلال) أيها الأحبة في الله كونوا من هؤلاء هم الخاشعين أسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم في دار كرامته إنه ولي ذلك والقادر عليه اللهم اجعلنا من عبادك الخاشعين اللهم اقذف في قلوبنا رجائك حتى لا نرجو أحدا غيرك.اللهم إنا نسألك إيمانا ثابتا ويقينا صادقا حتى نعلم أنه لن يصيبنا إلا ما كتبت لنا، اللهم لا نهلك وأنت رجائنا  احرسنا بعينك التي لا تنام وبركنك الذي لا يرام.ياسامعا لكل شكوى يا رب البيت العتيق أكشف عنا وعن المسلمين كل شدة وضيق، واكفنا والمسلمين ما نطيق وما لا نطيق اللهم فرج عنا وعن المسلمين كل هم غم وأخرجنا والمسلمين من كل حزن وكرب يا فارج الهم يا كاشف الغم يا منزل القطر يا مجيب دعوت المضطر يا سامعا لكل نجوى احفظ إيمان وأمن بلادنا، ووفق ولاة الأمر لما فيه صلاح الإسلام والعباد.اللهم نسألك فرجا قريبا للمسلمين وصبرا جميلا للمستضعفين يا ذا المعروف الذي لا ينقضي أبدا، ويا ذا النعم التي لا تحصى أبدا أسألك أن تصلي على محمد وعلى آل محمد أبدا.اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

الانكسار والذل بين يدي ملك الملوك جل وعلا

الحمد لله الكريم الفتاح أهل الكرم والسماح سبحانه فالق الإصباح وخالق الأرواح احمده سبحانه على نعم وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله الذي أرسل بالهدى والصلاح اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى اله وأصحابه ما بدا نجم ولاح.أما بعد: عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله وأن نقدم لأنفسنا أعمالاً صالحه مباركه تبيض وجوهنا يوم نلقاه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم يوم تبيض وجوه وتسود وجوه يوم تجد كل نفس ما عملت من خيرٍ محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن نسأل الله عز وجل بمنه وكرمه أن يحبب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا وأن يكِره إلينا الفسوق والعصيان ويجعلنا من الراشدين.عباد الله الخاشعين منهم الخاشعين وما وهو الخشوع وما هي صفات الخاشعين الخشوع أيها المسلمون هو الانكسار والذل بين يدي ملك الملوك جل وعلا.الخشوع هو الذل والانكسار للمخلوقين الضعفاء والوقوف أمام رب الأرض والسماوات الخشوع هو تذلل القلوب لعلام الغيوب الله جل وعلا مدح الخاشعين الخائفين المنكسرين لعظمته فقال تعالى(إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)وقال تعالى(إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)ومدح الله الخاشعين في أشرف العبادات وهي الصلاة فقال تعالى(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ)عباد الله أول أسباب الفلاح في الدنيا والآخرة أيها الأحبة الخشوع في الصلاة فالصلاة بلا خشوع كالجسد بلا روح وكان يقول النبي ص في ركوعه(اللهم لك ركعت وبك أمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري) وكان النبي ص أيضا يدعوا ويقول(اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن عين لا تدمع ومن دعوة لا تسمع)ويقول حذيفة بن اليمان إياكم وخشوع النفاق قالوا وما خشوع النفاق قال أن ترى الجسد خاشعا والقلب ليس بخاشع قال جل وعلا( َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ)أيها الأحبة نزلت هذه الآية قبل أن يحرم الخمر حين كان يشرب المسلمون الخمر ثم يصلون ولا يعلمون ما يقولون ونحن أيها المسلمون اليوم لسنا سكارى بالخمر لكن نحن سكارى بالدنيا وشهواتها وملذاتها حتى لا يدري المسلم وهو يصلي ما يقول وما يقرأ وما يسبح فيعبد الله وهو يسبح في وديان الدنيا. فيا أيها الذين أمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى بالدنيا وشهواتها وأقبلوا على الله بقلوب خاشعة منيبة خاضعة. قال ص( من صلى لله ركعتين لم يحدث نفسه فيهما بشيء من الدنيا غفر له ما تقدم من ذنبه) أيها الأخوة المسلمين صلوا بقلوب خاشعة لكي لا تكونوا من الذين قال فيهم المولى جل جلاله (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً) قال أحد التابعين: الصلاة كجارية تهدى إلى ملك من الملوك فهل تهدى جارية عمياء أو بكماء فهل تقبل هذه الهدية فلله المثل الأعلى واعلموا أيها الأحبة أن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا عبد الله يا ساهياً في صلاتة جسمك هنا وقلبك هائم في كل مكان صورة بلا روح جسد بلا حياة عباد الله: الاطمئنان شرط أساسي لقبول الصلاة كان النبي ص جالساً في المسجد مع أصحابه يوماً فدخل رجل فصلى وجعل النبي ص يرمقه وهو يصلي ثم جاء فسلم على النبي ص فرد عليه السلام ثم قال ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ فرجع الرجل فصلى كصلاته الأولى ثم جاء إلى النبي ص فسلم عليه فقال له: وعليك السلام ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ فرجع الرجل فصلى ثم جاء إلى النبي ص فسلم عليه فقال له وعليك السلام ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ فقال الرجل: والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا فعلمني فقال ص: إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعاً ثم ارفع حتى تعتدل قائماً ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ثم ارفع حتى تطمئن جالساً ثم افعل ذلك في صلاتك كلها. عجباً فما أحوج كثير من الناس اليوم أن يقال له بعد صلاته: ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ تراه يبدئ بسبه وشتمه وإذا رأيته كيف يصلي تراه ينقر أحدهم سجوده كنقر الغراب ويركع مستعجلاً كالمرتاب لا يناجي ربه في السجود ولا يخشع للرحيم الودود ألم تسمعوا للمصطفى ص وهو يقول (أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته) قالوا يا رسول الله كيف يسرق من صلاته يسرف من صلاته قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها ولا خشوعها) نعم هذا هو أسوأ الناس سرقة لأنه يسرق في بيت الملك فأين الحياء.وهوا سوأ الناس سرقة لأنه يسرق من صلاته فيفسدها. وهو أسوأ الناس سرقة لأن سارق الدنيا ينتفع بما يسرق ويتمتع به أما هو فيسرق من حق نفسه في الثواب ويشتري بذلك العقاب في الآخرة. عباد الله: أسمعوا هذا الحديث العظيم أن رسول الله ص رأى رجلاً لا يتم ركوعه وينقر في سجوده وهو يصلي فقال (لو مات هذا على حاله مات على غير ملة محمد ص) الصلاة يا عبد الله مناجاة بينك وبين الله فكيف تكون المناجاة والقلب غافل هاهي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تخبرنا عن النبي ص سيد الخاشعين وإمام المخبتين وتقول كان النبي محمد ص يحدثنا ونحدثه ويلاعبنا ونلاعبه فإذا حضرت الصلاة كأنه لا يعرفنا ولا نعرفه وقال ص: (أذكر الموت في صلاتك وصلى صلاة رجل لا يظن أنه سيصلي صلاة غيرها) أيها المسلمون الخاشعون هم الذين يحضرون قلوبهم في الصلاة ويجعلون الهموم هماً واحداً للصلاة الخاشعون هم أهل الفهم يقرأون ويفهمون ما يقرأون ويسبحون ويعرفون من يسبحون. الخاشعون هم أهل التعظيم عرفوا عظمة الله فعظموا هذه الصلاة وعظموا من يقفون بين يديه الخاشعون هم الذين أيقنوا أنهم ضعفاء واقفون أمام الرب القوى أيقنوا أنهم واقفون بين يدي العزيز الخاشعون هم الذين يعلمون أن الصلاة هي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر الخاشعون يتلذذون بصلاتهم ويستأنسون بمناجاتهم.وصدق النبي ص حين قال (وجعلت قرة عيني في الصلاة)

يا تارك الصلاة انتبه!

يا تارك الصلاة انتبه!
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد:الصلاة وما أدراك ما الصلاة، فريضة محكمة، هي أحد أركان الإسلام الخمسة، افترضها الله تعالى على نبينا محمد ص في السماوات العلى، ووجوب أدائها ثابت بالكتاب والسنة ومعلوم للجميع، وقد تساهل في أدائها كثير من الناس لأعذار ما أنزل الله بها من سلطان، بل تركها بعضهم مطلقاً، نسأل الله العافية، إن الصلاة ركن من أركان الإسلام ومبانيه العظام، التي من حافظ عليها حفظه الله في دينه، وأناله مغفرته ورضوانه، لكونها عمود الإسلام، والصلة بين العبد وبين رب الأنام، ومن فرط فيها، قطع الصلة بينه وبين ربه، ولم يقبل الله منه بدونها صرفاً ولا عدلاً.قال الله تعالى:{حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} وقال تعالى عمّن فرط فيها:{فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} وهذا تهديد شديد، ووعيد أكيد أن من ترك الصلاة فله في آخرته غيّ، وغيّ كما قال ابن مسعود وأبو أمامة رضي الله عنهما واد في جهنم، قعره بعيد، خبيث الطعم، منتن الريح، يسيل فيه صديد وقيح أهل النار، أعده الله لمن ترك الصلاة.وقال تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ}.وقال تعالى:{فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}.وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت) وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال النبي ص: (ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه) قلت: بلى يا رسول الله. قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد).وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي ص أنه ذكر الصلاة يوماً فقال: (من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف)وعن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ص (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). وعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي ص يقول: (إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة).وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله ص(من ترك صلاة مكتوبة متعمداً فقد برئت منه ذمة الله) وأخيراً: اعلم يا من ترك الصلاة أن هذا الفعل يترتب عليه أحكام شرعية وهي كالتالي:
1 - حكمه: كافر مرتد يستتاب من ولي الأمر فان تاب وإلا قتله مرتداً.
2 - جنازته: لا يغسل ولا يكفن ولا يصلّى عليه ولا يقبر في مقابر المسلمين. ولا يحل تقديمه للمصلين ليصلوا عليه.
3 - الدعاء له: لا يجوز الدعاء له بالرحمة والمغفرة بعد موته، لكن يجوز الدعاء له بالهداية فقط إن كان حياً.
4 - ميراثه وولايته: تركته لبيت المال، ولا يجوز أن يرث أحد من المسلمين، ولا تجوز ولايته على مسلم من أبناء وإخوان وغيرهم.
5 - زواجه: لا يحل تزويجه من مسلمة وإذا عقد له فإن العقد باطل ولا تحل له الزوجة، وإن كان تركه للصلاة بعد القران فإن نكاحه ينفسخ.
6 - حاله في الدنيا: قال تعالى:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}
7 - ذبيحته: إذا ذبح يحرم أكل ذبيحته، مع جواز أكل ذبيحة اليهودي والنصراني.
8 - دخوله الحرم: لا يجوز أن يمكّن من دخول مكة ولا حدود حرمها.
9 - حكم صحبته: لا تجوز والواجب هجره والبعد عنه خاصة إذا كان في ذلك توبته.
10 - مصيره في الآخرة: لا يدخل الجنة و مأواه النار خالدا مخلدا فيها ويحشر مع فرعون وهامان.....

الأمانة والخلق العظيم

الحمد لله أهل الحمد ومستحقه، العالم بجليل الأمر ودقه، لا يخفى عليه خافية من خلقه، يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، أحمده سبحانه على كل حال، وأعوذ به من أحوال أهل النار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الموصوف بالأمانة والخلق العظيم اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه. أما بعد فيا عباد الله اتقوا الله في السر والعلانية واعلموا أن الله لا تخفى عليه خافية يعلم السر وأخفى ويعلم ما تبدون وما تكتمون فعليكم بمراقبة مولاكم والحذر من كل ما يكون سببا إلى سخطه وعقابه واتصفوا بأوصاف عباده المؤمنين وأنبيائه المرسلين وأوليائه المخلصين الذين أثنى الله عليهم عز وجل بقوله"وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ"وإنه يا عباد الله من أهم الأمور وأعظمها وأشدها خطرا الأمانة، الأمانة التي عظم الرب شأنها وعرضها على أعظم مخلوقاته فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها هذا الإنسان الضعيف قال جل جلاله: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا" إن الأمانة هي الركيزة في كل أمر بينك وبين إلهك أو بينك وبين أقربائك أو مجتمعك قالr{لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له} لقد أصبح الكثيرون اليوم لا يعبئون بالأمانة ولا يقيمون لها وزنا. كثر الغش والخداع وفشت الرشوة بين الكثيرين وكثرت شهادة الزور تذكر قوله عز وجل {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} لسنا في شك من هذا إن شاء الله ولكن غلب على النفوس الطمع وحب الدنيا وطول الأمل فاتقوا الله عباد الله ولا تكونوا ممن وصفهم الله بقوله{ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}فانتبهوا عباد الله من نومكم وأدوا أماناتكم ولا تخونوها فما هي إلا أيام قلائل ويتبعها الهول الشديد والمطلع الرهيب ولحد الضيق والقبر الموحش قال سبحانه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} بارك الله لي ولكم في القرءان...

أيُّ جِوَارٍ هذَا

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ. أَمَّا بَعْدُ: فَيَا عِبَادَ اللهِ: مَنْ لَحِقَهُ أذَى مِنْ جِيْرَانِهِ أوْ أدَرْكَتْهُ مِنْهُمْ إسَاءَةٌ فَعَلَيْهِ أنْ يَتَحَمَّلَ أذاهُمْ، وَيَصْبِرَ عَلَى بَلْوَاهُمْ، وَلا يُقَابِلَ ذَلِكَ بِمِثْلِهِ بَلْ يَعْفُو ويَصْفَحُ وَلَهُ في الرَّسُولِ الكَرِيْمِ أسْوَةٌ حَسَنَةٌ، وَقُدْوَةٌ طَيِّبَةٌ، فَلَقَدْ كانَ لهُ وهُوَ في مكةَ جِيْرَانُ سُوءٍ مِنْ ألَدِّ أعْدَائِهِ، سَخِرُوا مِنْهُ وَاسْتَهْزَءُوا بِهِ وَأمْعَنُوا في إيْذَائِهِ حَتَّى وَصَلَ بِهِمُ الأمْرُ إلى أنْ سَدُّوا عَلَيْهِ الطَّرِيْقَ إلى بَيْتِهِ، ووضعوا القاذوراتِ على بَابِهِ فكانَ يُزِيْلُ كُلَّ هذا ولا يَزِيْدُ عَلَى أنْ يَقُولَ:(( أيُّ جِوَارٍ هذَا يَا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ ))وَلَمَّا هَاجَرَ إلَى المَدِيْنَةِ كَانَ لَهُ جِيْرَانٌ مِنَ اليَهُودِ يُضْمِرُونَ لَهُ العَدَاوَةَ والبَغْضَاءَ بَيْدَ أنَّهُ كانَ يَرْفُقُ بِهِمْ، وَيَقْتَرِضُ مِنْهُمْ، وَيُهْدِى إليهِمْ، ويُوَاسِيهِمْ، فَلَمَّا وَجَدُوا حُسْنَ مُعَامَلَتِهِ، وأدْرَكُوا مَحَاسِنَ أخْلاقِهِ آمَنُوا بِهِ، وَقَدْ نَصَحَ الرَّسُولُ e مَنْ جَاءَ يَشْكُو جَارَهُ فَقَال لهُ: اذْهَبْ فَاصْبِرْ فَأتَاهُ مَرَّتَيْنِ أوْ ثلاثاً فَقَالَ: اذْهَبْ فاطْرَحْ مَتَاعَكَ في الطَّرِيْقِ فَفَعَلَ فَجَعَلَ النَّاسُ يَمُرُّونَ وَيَسْألُونَهُ فَيُخْبِرُهُمْ خَبَرَ جَارِهِ فَجَعَلُوا يَلْعَنُونَهُ فَعَلَ اللهُ بِهِ وَفَعَلَ، وَبَعْضُهُمْ يَدْعُو عليهِ فجاءَ إليهِ جَارُهُ وقالَ: ارْجِعْ فإنَّكَ لنْ تَرَى مِنِّى شَيْئَاً تَكْرَهُهُ )) وَلِذَلِكَ يُوصِيْنَا الْنَّبِيُّe بِقَوْلِهِ: ((إنَّ اللهَ قَسَّمَ بَيْنَكُمْ أَخْلاقُكُمْ كَمَا قَسَّمَ بيَنْكُمْ أرْزَاقَكُمْ وإنَّ اللهَ تعَالَى يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لا يُحِبُّ، ولا يُعْطِي الدِّينَ إلاَّ مَنْ أحَبَّ فَمَنْ أعْطَاهُ الدِّيْنَ فقدْ أحَبَّهُ والذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يَسْلَمُ عَبْدٌ حَتَّى يَسْلَمَ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ ولا يُؤْمِنُ حَتَّى يَأمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ)) .


حُسْنِ المُعَامَلَةِ وَالْتَّخَلُقِ

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ وَالعَاقِبَةُ للمُتَّقينَ، ولا عُدْوَانَ إلاَّ على الظَّالمينَ، أحْمَدُهُ تعَالَى دَعَانَا إلى الإيمَانِ وَأمَرَنَا بِالأدَبِ معَ الجِيْرَانِ، وَحَثَّنَا عَلَى حُسْنِ المُعَامَلَةِ وَالْتَّخَلُقِ بِأخْلاقِ القُرْآنِ، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، أعظمُ النَّاسِ خُلُقَاً، وَأحْسَنُهُمْ جِوَارَاً اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، الذينَ كَانوا نَمَاذِجَ للآدَابِ، وَمُثُلاً لِلأخْلاقِ رضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأرْضَاهُمْ أجْمَعِيْنَ.أَمَّا بَعْدُ: فَيَا عِبَادَ اللهِ: اتَّقُوا اللهَ وَأطِيْعُوهُ وَامْتَثِلُوا أوَامِرَهُ وَلا تَعْصُوهُ، وَاذْكُرُوهُ ولا تَنْسَوُهُ واشْكُرُوهُ ولا تكفروهُ واعْلَمُوا أنَّ أدَبَ الجَارِ معَ جَارِهِ وَحَقَّهُ عَلَيْهِ مُؤكَّدٌ بالآياتِ وَالأحَادِيْثِ، وَمَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوْصِي مُحَمَّداًeْحتَّى ظَنَّ أنَّهُ سَيُشَرِّكَهُ فِي المَوَارِيْثِ، وَلا يُؤذِي الجَارَ إلاَّ لِئِيْمٌ خَبِيْثٌ فَعَنِ ابنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قالا: قال رسولُ اللهِ e :(( مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِيني بِالجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ )) وَرُوِيَ عَنْ أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رسولَ اللهِ e قَالَ: (( مَنْ كَانَ يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فَلا يُؤذي جَارَهُ )) أيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إنَّ جَارَكَ هُوَ الَّذي إذا طَلَبْتَ مِنْهُ مَعُونَةً تَجِدُهُ بِجَانِبِكَ وَإلَى جِوَارِكَ، وَإذَا طَلَبْتَ حَاجَةً مِنْ حَاجَاتِهِ، لَبَّى طَلَبَكَ رَاضِيَاً قَرِيْرَ النَّفْسِ وَالْعَيْنِ هُوَ الذي تَتْرُكُ زَوْجَتَكَ وَأوْلادَكَ فِي جِوَارِهِ وَأنْتَ عَلَيْهِمْ مُطْمَئِنٌ وَآمِنٌ وَتَدَعُ مَالَكَ وَتَتْرُكُ مَتَاعَكَ فِي بَيْتِكَ ثُمَّ تَغِيْبُ مَا شِئْتَ أنْ تَغِيْبَ رُكُونَاً إلَيْهِ، وَاعْتِمَادَاً مِنْكَ على أمَانَتِهِ وَحِمَايَتِهِ، هُوَ أوَّلُ مَنْ يَسْمَعُ صَرِيْخَكَ وَنِدَاءَكَ، وَأوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ لِيَخْدُمَكَ فِي الْمَهَمَّاتِ وَالْمُلِمَّاتِ، يَشْعُرُ بِمَا أنتَ فِيْهِ مِنْ ألَمٍ وَعَذَابٍ وَقَلَقٍ وَاضْطِرَابٍ فَيَهْرَعُ إلَيْكَ، وَيُسْرِعُ مُبَادِرَاً إلَى نَجْدَتِكَ وَمُسَاعَدَتِكَ، هَمُّهُ أنْ يُلَبِّيَ نِدَاءَكَ وَيُعِيْنَكَ على أمْرِكَ، وَيُؤمِنَكَ مِنَ الفَزَعِ والهَلَعِ، ويبعثَ في نَفْسِكَ الهُدُوءَ والسَّكِيْنَةَ وَيَمْلأَ قَلْبَكَ بِالطَّمَأنِيْنَةِ وَالأمَانِ لِذَا كانَ حَقُّ الجَارِ فِي الإسْلامِ مِنْ أعْظَمِ الحُقُوقِ، وَوَاجِبَاً مِنْ أقْدَسِ الوَاجِبَاتِ وقَدْ أكَّدَهُ الْمَوْلَى عزَّ وجَلَّ في القرآنِ العظيمِ حيثُ ذَكَرَهُ عُقْبَ توحيدِهِ وَطَاعَتِهِ وَبَعْدَ حَقِّ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِيْنَ فقالَ: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ. عِبَادَ اللهِ: إنَّ جاركَ قدْ أمَرَكَ اللهُ بِحِفْظِهِ، وَالْقِيَامِ بِحَقِّهِ، وَأوْصَاكَ بِرِعَايَةِ ذِمَّتِهِ فِي كِتَابِهِ وعلى لِسَانِ نَبِيِّهِ ألاَ ترَاهُ سُبْحَانَهُ أكَّدَ ذِكْرَهُ بعدَ الوالدينِ والأقْرَبيْنَ فقَالَ تعالَى: وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى، أيْ القَرِيبِ والجَارِ الجُنُبْ أيْ الغَرِيْبِ وَقِيْلَ الجَارُ ذِي القُرْبَى المُسلمُ والجَارُ الجُنُبِ غَيْرُ المُسْلِمِ، وحَقُّ الجَارِ عِبَادَ اللهِ يَقْتَضِي إيْصَالَ الخَيْرِ إلَيْهِ، وَتَقْدِيْمَ المَنْفَعَةِ لَهُ، وإسْدَاءَ الجَمِيْلِ إلَيْهِ، وَاصْطِنَاعَ المَعْرُوفِ مَعَهُ، فَلَيْسَ مِنَ الدِّيْنِ أنْ تَبِيْتَ تَاخِمَاً شَبْعَانَاً، وَجَارَكَ جَوعَانٌ وَأنْتَ تَعْلَمُ ولَيْسَ مِنَ الدِّيْنِ أنْ تَلْبَسَ الجَدِيْدَ وَتَبْخلَ مِنْ ثِيَابِكَ عَلَى جِيْرَانِكَ وَأنْتَ تَعْلَمُ حَاجَتَهُمْ إلَيْهِ يَقُولُeفي تَوْجِيْهِهِ لِنِسَاءِ الْمُسْلِمِيْنَ: (( يَا نِسَاءَ المُسْلِمَاتِ لا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسَنَ شَاةٍ )) قَالَ ابنُ حَجَرٍ أيْ لا تَحْقِرَنَّ أنْ تُهْدِيَ لِجَارَتِهَا شَيْئَاً وَلَوْ كَانَ قَلِيْلاً مِنْ أجْلِ التَّحَابِّ والتَّوَادِّ، فَكَأنَّهُ قَالَ كُلُّ جَارَةٍ تَوَدُّ جَارَتَهَا وَلَوْ بِهَدِيَّةٍ صَغِيْرَةٍ وَخَصَّ النَّهْي بِالنِّسَاءِ لأنَّهُنَّ مَوَارِدُ المَوَدَّةِ وَالبَغْضَاءِ ولأنَّهُنَّ أسْرَعُ انْفِعَالاً وَيَقُولُ النَّبِيُّe لأبِي ذَرِّ الغَفَارِي:(( يَا أبَا ذَرٍّ إذَا طَبَخْتَ مرَقةً فَأكْثِرْ ماءَهَا وَتَعَاهَدْ جِيْرَانَكَ )) قَالَ العُلَمَاءُ لَمَّا قالَ عليه السَّلامُ ((فَأكْثِرْ مَاءَهَا)) نَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى تَيْسِيْرِ الأمْرِ على البَّخِيْلِ تَنْبِيْهَاً لَطِيْفَاً وَجَعَلَ الزِّيَادَةَ فِيْمَا ليسَ لَهُ ثمَنٌ وَهُوَ المَاءُ وَلِذَلكَ لَمْ يقُلْ إذَا طَبْخَتَ مَرَقَةً فَأكْثِرْ لَحْمَهَا إذْ لا يَسهُلُ ذَلِكَ على أحَدٍ غالِبَاً.عِبَادَ اللهِ: يَجِبُ عَلَى الجَارِ أنْ يَنْصُرَ جَارَهُ إذا اسْتَنْصَرَهُ وَيُعِيْنَهُ إذَا اسْتَعَانَهُ، وَيَعُودَهُ إذَا مَرِضَ ويُهَنِئَّهُ إذَا فَرِحَ، وَيُعَزِّيَهِ إذَا أصِيْبَ، وَيُسَاعِدَهُ إذَا احْتَاجَ وَيَبْدَأَهُ بِالسَّلامِ وَيَلِيْنُ لَهُ الكلامَ، وَيُرْشِدَهُ إلَى مَا فِيْهِ صَلاحُ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، يَرْعَى جَانِبَهُ، وَيِحْمِى حِمَاهُ يَصْفَحُ عَنْ زَلاتِهِ، وَلا يَتَطَلَّعُ إلَى عَوْرَاتِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ كَثِيْرٌ وَكُلُّ هَذَا مِنْ بَابِ الإحْسَانِ الذي تَضْمَنَّهُ قَولُهُ e:(( مَنْ كَانَ يُؤمِنُ باللهِ وَاليومِ الآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إلَى جَارِهِ )) فَلا يَنْبَغِي لِلْجَارِ أنْ يَنْظُرَ فِي بَيْتِ جَارِهِ وَهُوَ غافِلٌ أوْ يَخُونَهُ فِي أهْلِهِ ومَنْ نظرَ في بَيْتِ جَارِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ مَلأ اللهُ عَيْنَهُ مِنْ نَارِ جَهْنَّمْ وَمَنْ زنَى بِحَلِيْلَةِ جَارِهِ اسْتَحَقَّ الْمَقْتَ وَالسَّخَطَ وَالغَضَبَ عَنْ عبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: (( قُلْتُ: يَا رَسولَ اللهِ أيُّ الذَّنْبِ أعْظَمُ قَالَ: أنْ تَجْعَلَ للهِ نِدَّاً وَهُوَ خَلَقَكَ قُلْتُ: إنَّ ذَلِكَ لَعَظِيْمٌ ثٌمَّ أيٌّ قَالَ: أنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أنْ يَطْعَمَ معَكَ قُلْتُ ثُمْ أيٌّ قَالَ: أنْ تَزْنِيَ بِحَلِيْلَةِ جَارِكَ)) وَليَسَ اشَدَّ فِي الإسلامِ مِنَ الاعْتِدَاءِ عَلى الجَارِ، وَالإسَاءةِ إليهِ، وَالْمُتَسَلِّطِ علَيهِ بِأنْ تَسُدَّ عَلَيْهِ الرِّيْحَ وَالْهَوَاءَ أو تَمْنَعَ عَنْهُ النُّورَ والْمَاءَ، كُلُّ هَذَا خُلُقٌ لا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أنْ يَتَّصِفَ أوْ يَتَخَلَّقَ بِهِ، لِذَا نَجِدُ الرَّسُولَ قَدْ نَفَّرَ وَحَذَّرَ مِنْ إيْذَاءِ الجَارِ بِأيِّ نَوْعٍ مِنْ أنْوَاعِ الأذَى وَتَوَعَّدَ الذينَ يفعلونَ ذلكَ بِالعذابِ الأليمِ وأنَّهمْ يأتُونَ يَوْمَ القيامَةِ لا حَسَنَةَ لَهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ، وَلا خُلُقْ لَهُمْ عِنْدَ خَالِقِهِمْ فَعَنْ أبِي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:(( قالَ رَجُلٌ يا رَسولَ اللهِ إنَّ فُلانَةَ تُكْثِرُ مِنْ صلاتِهَا وصَدقَتِهَا وصِيامِهَا غَيْرَ أنَّهَا تُؤذِي جِيْرَانَهَا قَالَ: هِيَ في النار، قال: يَا رسولَ اللهِ فإنَّ فُلانَةً يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صيامِهَا وصَلاتِهَا وَأنَّهَا تَتَصَدَّقُ بِالأثْوَارِ مِنَ الأقْطِ وَلا تُؤذِي جِيْرَانَهَا قال: هيَ في الجَنَّةِ )) وَجاءَ في الأثَرِ (( أتَدْرُونَ مَا حَقُّ الجَارِ إنِ اسْتَعَانَ بِكَ أعَنْتَهُ وَإنِ اسْتَنْصَرَكَ نَصَرْتَهُ وإنِ اسْتَقْرَضَكَ أقْرَضْتَهُ، وَإنِ افْتَقَرَ عُدْتَ عَلَيْهِ ، وإنْ مَرِضَ عُدْتَهُ وإنْ مَاتَ تَبْعَتَ جَنَازَتَهُ، وَإنْ أصَابَهُ خَيْرٌ هَنَّأتَهُ، وَإنْ أصَابتْهُ مُصِيْبَةٌ عَزَّيْتَهُ، وَلا تَسْتَعْلِ عَلَيْهِ بِالبِنَاءِ فَتَحْجُبَ عَنْهُ الرِّيْحَ إلاَّ بإذْنِهِ وَلا تُؤذِهِ وَإنِ اشْتَرَيْتَ فَاكِهَةً فَأهْدِ لَهُ فَإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَأدْخِلْهَا سِرَّاً، وَلا تُؤذِهِ بِقَتَارِ قَدْرِكَ إلاَّ أنْ تَغْرِفَ لَهُ مِنْهَا)) عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ كَانَ السَّلفُ الصَّالحُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ أسْرَعَ النَّاسِ اسْتِجَابَةً وعَمَلاً بهذا التوجيهِ الإلهيِّ وَالإرشْادِ النَّبويِّ فَكَانوا يَصِلُونَ جِيْرَانَهُم بِبِرِّهِمْ، وَيَمْنَعُونَ الأذى أنْ يَقعَ عليهمْ، قالَ مُجَاهِدٌ: (( كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ وَغُلامٌ لَهُ يَسْلَخ ُشَاةً فقالَ: يا غُلامُ إذا سَلَخْتَ الْشَّاةَ فَأبْدَأ بِجَارِنَا اليَهُودِيِّ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ مِرَارَاً فَقالَ لَهُ لِمَ تَقُولُ هَذَا فَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللهِ eلمْ يَزَلْ يُوصِيْنَا بِالجَارِ حَتَّى خَشِيْنَا أنَّهُ سَيُورِّثَهُ )) وَبَلَغَ أحَدَ الصَّالِحِيْنَ أنَّ جَارَاً لَهُ يَبِيْعَ دَارَهُ فِي دَيْنٍ رَكِبَهُ وكَانَ يَجْلِسُ فِي ظِلِّ دَارِهِ فقالَ: ما قُمْتُ إذَاً بِحُرْمَةِ ظِلِّ دَارِهِ إنْ بَاعَهَا مُعْدَمَاً فَدَفَعَ إليهِ الثمنَ وَقالَ لا تَبِعْهَا. فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاعْلَمُوا أنَّ الأدَبَ مَعَ الجِيْرَانِ أمْرَ بِهِ الإسْلامُ، وَحَثَّ عَلَيْهِ الْنَّبيُّ علَيْهِ الصَّلاةُ وَالْسَّلامُ، وأنَّ الجِوَارَ الصالحَ لهُ مَكَانَتُهُ عندَ العُقَلاءِ، فَهُمْ لا يَعْدِلُونَ بِهِ شيئاً، فَفِيْهِ أُنْسُ وَحْشَتِهِمْ، وَرَاحَةُ بِالِهِمْ، وَاسْتِقْرَارُ حَيَاتِهِمْ، وَبِهِ الأْمْنُ علَى كُلِّ مُرتَخَصٍ وَغَالٍ.أقُولُ قَوْلي هَذَا وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.

الأربعاء، 25 فبراير 2015

أما ترضى أن تكون لهم الدنيا و لنا الآخرة ؟

أما ترضى أن تكون لهم الدنيا و لنا الآخرة ؟

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمد عبده ورسوله .اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد." يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ " " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا " " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا " أما بعد فإنَّ أصدق الحديث كلام الله تعالى، وإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.إخوتي في الله هل تعلمون يقينًا لماذا خلقكم الله هل تعلمون حقًا حقيقة هذه الدنيا هل تعلمون أنَّ بعد الموت بعثًا وأنَّ بعد البعث حسابًا فإما جنة وإما نار هل تعلمون هل تعلمون آهٍ يا ليت قومي يعلمون. إخوتي في الله اعلموا أن لكل طريق لابد له من نهاية، يا أحباب رسول الله ص تعالوا لنداوي القلوب السقيمة، تعالوا لنتعلم كيف السبيل إلى رب العالمين.وأول ذلك أن نعرف حقيقة الدنيا.الدنيا عدوة لله عز وجل، بغرورها ضل من ضل، وبمكرها زل من زل، الدنيا حقيرة لا تساوي عند الله شيئًا. قال الله تعالى:اعلموا أنَّما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور عن سهل بن سعد أن النبي ص قال: لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء.الدنيا دار فناء. إنها إلى زوال، وكل ما فيها لا يبقى على حال، نعيمها منغص لأنَّه ناقص، وما هي إلا أيام معدودات.قال الله تعالى: ما عندكم ينفد وما عند الله باق الدنيا سبب الزيغ والضلال أخرج ابن ماجه وحسنه الشيخ الألباني عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : " آلفقر تخافون ؟ والذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا صبا، حتى لا يزيغ قلب أحدكم إن أزاغه إلا هي ، و أيم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها و نهارها سواء .فالدنيا كلها فتن لذلك حذرنا الله منها ، لأنها تغوي البشر فيضيعون في التكالب على زخرفها أخرج الإمام أحمد في مسنده وصححه الشيخ الألباني عن مصعب بن سعد قوله صلى الله عليه وسلم : " احذروا الدنيا فإنها خضرة حلوة " وفي الصحيحين عن عمرو بن عوف الأنصاري قال صلى الله عليه وسلم : " فوالله ما الفقر أخشى عليكم و لكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم " والناس عادة ما يقعون فريسة النظر إلى من هم أعلى منهم في الدنيا ، وقد يرى أهل الإيمان الكفار يتطاولون في البنيان ، ومن لا يفقه سنن الله الربانية قد يصاب بهزيمة نفسية ، وقد يتطلع بعضنا إلى حضارة الغرب الآن فيحسدهم على ما هم فيه من ترف وثراء ، ويمضي ليحاكيهم في هذه ويترك الأهم .وقد أعلنها رسول الله صلى الله عليه وسلم عالية ، شعار حزب الله المفلحين " أما ترضى أن تكون لهم الدنيا و لنا الآخرة ؟ " [ متفق عليه ] .وللأسف نحن في عصر يقول القائل فيه : من معه دولار أو جنيه فإنه يساوي دولارًا أو جنيهًا ، وهذه من علامات استحواذ الدنيا على الناس ، فصارت هي المعيار والمقياس الذي يقاس به كل واحد .وصدق رسول الله إذ يقول كما في حديث بريدة الذي أخرجه الإمام أحمد والنسائي وابن حبان والحاكم في مستدركه وحسنه الشيخ الألباني " إن أحساب أهل الدنيا : الذين يذهبون إليه هذا المال " .4) الدنيا سبب الهلاك والذل .حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوقوع في شراك التنافس على المال ، وبين أن هذا كان سبب هلاك الأمم السابقة، وأنه سبب هلاك أمة الإسلام .أخرج الطبراني والبيهقي وصححه الشيخ الألباني عن ابن مسعود و أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن هذا الدينار و الدرهم أهلكا من قبلكم و هما مهلكاكم .وقال بشر الحافي : قل لمن طلب الدنيا تهيأ للذل .5) الدنيا دار ابتلاء فالمؤمن يعرف أنها قنطرة إلى الآخرة وأنه لابد من امتحان ليعرف ماذا قدم وليصحح النهج إن أخطأ ، أما الكافر لا يرى سواها فيتكالب عليها ، بل يعبدها . أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الدنيا سجن المؤمن و جنة الكافر "وفي مسند الإمام أحمد ومعجم الطبراني ومستدرك الحاكم وصححه الألباني عن أبي مالك الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " حلوة الدنيا مرة الآخرة ، و مرة الدنيا حلوة الآخرة " .

كان الحسن يقول عن الدنيا : خَبَاث ! كل عيدانك مضضنا ، فوجدنا عاقبته مرًا.تفريغ القلب منها فإذا كان هذا سمتها حقيرة فانية زائلة مضلة مهلكة مُبلية فما بال قلبك مشغولاً بها ، إنَّ مكانها الحقيقي تحت الحذاء .لماذا أنت مهموم بها ؟ لماذا تستحوذ على قلبك فلا يعود فيه شيء من طلب الآخرة .انظر كيف كانت قلوبهم معلقة بالآخرة ، إنهم فطنوا لحقيقة الأمر ، فصارت الدنيا لا تساوي عندهم قيد أنملة .قيل لبعض السلف : متى يذوق العبد حلاوة الأنس بالله ؟ قال : إذا صفا الود وخلصت المعاملة .قيل : فمتى يصفو الود ؟ قال : إذا اجتمع الهم في الطاعة .قيل : فمتى تخلص المعاملة . قال : إذا كان الهم همًا واحدًا .قيل : بم يتعان على ذلك ؟ قال : بالتحري في المكسب .قيل : زدني خلالا . قال : كل حلالاً وارقد حيث شئت .قيل : أين طريق الراحة قال : خلاف الهوى .قالت امرأة أبي حازم لأبي حازم : هذا الشتاء قد هجم علينا ، ولا بد لنا من الطعام والثياب والحطب .فقال لها أبو حازم : من هذا كله بد ، ولكن لا بد لنا من الموت ، ثمَّ البعث ، ثمَّ الوقوف بين يدي الله تعالى ، ثمَّ الجنة ، أو النار " .وكان الإمام أحمد يقول : إنما هو طعام دون طعام ، ولباس دون لباس ، وإنَّما هي أيام معدودات .قال سليمان بن الأشعث : ما رأيت أحمد بن حنبل ذكر الدنيا قط .فكانوا لا يبالون بالدنيا ولا بأهلها ، بل كانوا يحقرونها ويسفل عندهم من رضي بها .قال أبو بكر بن عياش : من عظم صاحب دنيا فقد أحدث حدثًا في الإسلام . ما الدنيا من الآخرة ؟ولذلك لم يصح أن تعقد المقارنة بين الدنيا والآخرة ، فكل ما في هذه الدنيا لا يساوي أقل القليل من الآخرة .أخرج الطبراني وصححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما أخذت الدنيا من الآخرة إلا كما أخذ المخيط غمس في البحر من مائه "وفي رواية لمستدرك الحاكم وصححها الألباني " ما الدنيا في الآخرة إلا كما يمشي أحدكم إلى اليم فأدخل إصبعه فيه فما خرج منه فهو الدنيا " وأيم الله ما الدنيا من الآخرة ، فهل تعلمون ماذا أعد الله لعباده المؤمنين ، هل تعلمون أنَّ فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، فكل ما يخطر ببالك فالأمر بخلاف ذلك .أخرج الطبراني وصححه الألباني عن سهل بن سعد مرفوعًا " إنَّ في الجنة ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب أحد " .فيا ليت قومي يعلمون " ما الجنة " ؟

هي دار الخلود .

في معجم الطبراني وصححه الألباني عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن المرد إلى الله إلى جنة أو نار خلود بلا موت و إقامة بلا ظعن "

الجنة دار النعيم لا شقاء فيها .

في صحيح البخاري عن أبي هريرة. مرفوعاً " إنَّ رجلا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع فقال له : ألست فيما شئت ؟ قال : بلى ولكن أحب أن أزرع ! فبذر فبادر الطرف نباته واستواؤه و استحصاده فكان أمثال الجبال فيقول الله : دونك يا ابن آدم ! فإنه لا يشبعك شيء .

3) وأعظم من كل ذلك أن أهلها يظفرون بأعظم نعيم حين يرون رب العالمين من كل يوم جمعة الذي يدعى هناك يوم المزيد أما تشتاقون لذلك .

في صحيح مسلم عن أنس مرفوعًا " إن في الجنة لسوقا يأتونها كل جمعة ، فيها كثبان المسك ، فتهب ريح الشمال فتحثوا في وجوههم وثيابهم ، فيزدادون حسنا وجمالا فيرجعون إلى أهليهم ، و قد ازدادوا حسنا و جمالا فيقول لهم أهلوهم : و الله لقد ازددتم بعدنا حسنا و جمالا فيقولون : وأنتم و الله لقد ازددتم بعدنا حسنا و جمالا .

أخرج الإمام أحمد في المسند وابن ماجه في سننه وابن خزيمه وابن حبان في صحيحيهما عن صهيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا دخل أهل الجنة الجنة و أهل النار النار نادى مناد : يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه فيقولون : و ما هو ؟ ألم يثقل الله موازيننا و يبيض وجوهنا و يدخلنا الجنة و ينجنا من النار ؟ فيكشف الحجاب فينظرون إليه فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه و لا أقر لأعينهم " .

فإنْ سألت عن وصفها .

فلها ثمانية أبواب

أخرج ابن سعد وصححه الألباني عن عتبة بن عبد " الجنة لها ثمانية أبواب والنار لها سبعة أبواب " .

فإن شئت أن تعلم ما وصف تلك الأبواب فانظر شأن مصراعيه .

ففي الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعًا " والذي نفسي بيده إن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر أو كما بين مكة و بصرى "

وأما أرضها فخبزة بيضاء

أخرج أبو الشيخ في العظمة وصححه الألباني عن جابر ‌أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ‌أرض الجنة خبزة بيضاء " .

وفي الجنة أنهار

أخرج الإمام أحمد والترمذي وصححه الألباني عن معاوية بن حيدة مرفوعًا " إن في الجنة بحر الماء ، و بحر العسل ، و بحر اللبن ، و بحر الخمر ، ثم تشقق الأنهار بعد "

وفي الجنة نهر الكوثر الذي أعطاه الله لنبيه

في البخاري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " بينا أنا أسير في الجنة إذ عرض لي نهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف قلت : يا جبريل ما هذا ؟ قال : هذا الكوثر الذي أعطاكه الله ثم ضرب بيده إلى طينه فاستخرج مسكا ثم رفعت لي سدرة المنتهى فرأيت عندها نورا عظيما وأخرج الشيرازي في الألقاب وصححه الألباني عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أربعة أنهار من أنهار الجنة سيحان و جيحان والنيل و الفرات " وفي الجنة غرفٌ

أخرج الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه وحسنه الألباني عن أبي مالك الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها و باطنها من ظاهرها أعدها الله تعالى لمن أطعم الطعام و ألان الكلام و تابع الصيام و صلى بالليل و الناس نيام .

وفي الجنة شجر عظيم الشان

في الصحيحين عن أنس مرفوعًا " إن في الجنة لشجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع في ظلها مائة عام ما يقطعها " .

في المسند وصحيح ابن حبان وحسنه الألباني عن أبي سعيد الخدري أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : " طوبى شجرة في الجنة مسيرة مائة عام ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها "

أما بيوت الجنة فبناؤها الذهب والفضة

أخرج الإمام أحمد والترمذي وصححه الألباني عن أبي هريرة مرفوعا " الجنة بناؤها لبنة من فضة ، ولبنة من ذهب وملاطها المسك الأذفر وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت وتربتها الزعفران من يدخلها ينعم لا يبأس و يخلد لا يموت لا تبلى ثيابهم ولا يفنى شبابهم " .

وفي الجنة خيام من لؤلؤ .

في صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميلا للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضا .

وفي الصحيحين عن أبي موسى أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الخيمة درة مجوفة طولها في السماء ستون ميلا في كل زاوية منها للمؤمن أهل لا يراهم الآخرون " .

وأزواجك في الجنة لا تسل عن وصفهن

أخرج الطبراني في الأوسط وصححه الألباني عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن أزواج أهل الجنة ليغنين أزواجهن بأحسن أصوات ما سمعها أحد قط إن مما يغنين : " نحن الخيرات الحسان أزواج قوم كرام " ، ينظرن بقرة أعيان ، وإن مما يغنين به : " نحن الخالدات فلا يمتنه نحن الآمنات فلا يخفنه " نحن المقيمات فلا يظعنه .

إخوتاه ..

ولكن الجنة درجات ، وكلٌ بحسب عمله وكسبه

في البخاري ‌عن أبي هريرة مرفوعاً " إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنَّه أوسط الجنة و أعلى الجنة و فوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة.

أخرج الإمام أحمد في مسنده و الترمذي في جامعه وصححه الألباني عن معاذ بن جبل أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ذر الناس يعملون فإن الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء و الأرض و الفردوس أعلاها درجة و أوسطها و فوقها عرش الرحمن و منها تفجر أنهار الجنة فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس " .

وبعد

فهل لما علمتم شأنها شمرتم عن ساعد الجد لتظفروا بها ، أم مازلتم تؤثرون الحياة الدنيا الفانية ، أم مازلتم في الغفلات المهلكة .

هذه الجنة فأين من يعمل لها ؟

هذه الجنة فأين من يهواها ويشتاق لها ؟

فإن ظللتم فيما أنتم فيه من البلاء ، وآثرتم العاجلة على الباقية ، فهل تعلمون إلى أين المصير ؟

هل تعلمون عن جهنم شيئًا ؟

فيا ليت قومي يعلمون " ما النار ؟ "

النار أعاذنا الله وإياكم منها

كان من دعائه صلى الله عليه وسلم : اللهم إني أسألك الجنة و ما قرب إليها من قول أو عمل و أعوذ بك من النار و ما قرب إليها من قول أو عمل و أسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرا " .

كان مالك بن دينار يقول : لو وجدت أعوانًا لفرقتهم ينادون في سائر الدنيا كلها : أيها الناس ، النار .. النار .

قال عطاء السليمي : إذا ذكرت جهنم ما يسعني طعام ولا شراب .

وكان طاووس يفرش له الفرش ، فيضطجع ويتقلى كما تتقلى الحبة في المقلى ، ثم يثب فيدرجه ويستقبل القبلة حتى الصباح ، ويقول : طيَّر ذكر جهنم نوم الخائفين .

النار .. النار .. وما أدراكم ما النار .

في صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها " .

1) أشد ما شعرت به من حر الصيف أو زمهرير الشتاء هذا فقط مجرد نفس من أنفاسها .

في الصحيحين عن أبي هريرة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اشتكت النار إلى ربها فقالت : يا رب أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء و نفس في الصيف فهو أشد ما تجدون من الحر و أشد ما تجدون من الزمهرير .

وفي رواية للترمذي وصححها الألباني " فأما نفسها في الشتاء فهو زمهرير وأما نفسها في الصيف فسموم " .

وفي الصحيحين أيضًا عن عبد الله بن عمر أنًّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم "

2) نار الدنيا جزء من سبعين جزءًا منها

في الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ناركم هذه التي توقد بنو آدم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم قيل : يا رسول الله ! إن كانت لكافية ؟ قال : فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها "

3) أشد ما تجد من شقاء وبلاء لا يقدر بغمسة فيها

في صحيح مسلم عن أنس بن مالك أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في جهنم صبغة ثم يقال له : يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط ؟ هل مر بك نعيم قط ؟ فيقول : لا و الله يا رب و يؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ في الجنة صبغة فيقال له : يا ابن آدم ! هل رأيت بؤسا قط ؟ هل مر بك شدة قط ؟ فيقول : لا و الله يا رب ! ما مر بى بؤس قط و لا رأيت شدة قط .

4) أدنى عذابها

عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ أدنى أهل النار عذابا ينتعل بنعلين من نار يغلي دماغه من حرارة نعليه " .

5) وفيها من يدخل بغير حساب

أخرج الإمام أحمد والترمذي وصححه الألباني عن أبي هريرة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:

" يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان يبصران وأذنان يسمعان و لسان ينطق يقول : إني وكلت بثلاثة : بكل جبار عنيد ، وبكل من دعا مع الله إلها آخر و بالمصورين " .

6) وهي بالغة العمق

أخرج الترمذي عن عتبة بن غزوان وصححه الألباني : " إنَّ الصخرة العظيمة لتلقى من شفير جهنم فتهوي بها سبعين عاما ما تفضي إلى قرارها "

وأخرج هناد وصححه الألباني عن أنس مرفوعًا " لو أن حجرا مثل سبع خلفات ألقي عن شفير جهنم هوى فيها سبعين خريفا لا يبلغ قعرها " .

سلم يا رب سلم .

7) وهي لا تشبع

قال تعالى : " يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد "

وفي الصحيحين عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تزال جهنم يلقى فيها و تقول : { هل من مزيد } حتى يضع فيها رب العزة قدمه فينزوي بعضها إلى بعض و تقول : قط قط ، وعزتك وكرمك ، ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقا آخر فيسكنهم في فضول الجنة .

8) لها سبعة أبواب .

قال الله تعالى : " لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم " .

9) طعام أهلها الزقوم وما أدراك ما الزقوم .

أخرج الإمام أحمد والترمذي في جامعه وغيرهما وصححه الألباني عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن تكون طعامه ؟ " .

أخرج الترمذي عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يلقى على أهل النار الجوع فيعدل ما هم فيه من العذاب فيستغيثون فيغاثون بطعام من ضريع ، لا يسمن ولا يغني من جوع ، فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام ذي غصة ، فيذكرون أنهم كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بالشراب ، فيستغيثون بالشراب ، فيرفع إليهم الحميم بكلاليب الحديد ، فإذا دنت من وجوههم شوت وجوههم ، فإذا دخلت بطونهم قطعت ما في بطونهم ، فيقولون ادعوا خزنة جهنم فيقولون : ألم تك تأتيكم رسلكم بالبينات . قالوا : بلى . قالوا : فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال . قال : فيقولون : ادعوا مالكا . فيقولون : يا مالك ليقض علينا ربك قال فيجيبهم إنكم ماكثون قال الأعمش نبئت أن بين دعائهم وبين إجابة مالك إياهم ألف عام قال فيقولون ادعوا ربكم فلا أحد خير من ربكم فيقولون ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون قال فيجيبهم اخسئوا فيها ولا تكلمون قال فعند ذلك يئسوا من كل خير وعند ذلك يأخذون في الزفير والحسرة والويل .

إخوتاه ..

ثمَّ ماذا ؟

هل من توبة قبل الموت حتى تأمن شرها ، أخي ابكِ على خطيئتك الآن قبل أن تبكي غدًا دما .

في مستدرك الحاكم وحسنه الألباني عن أبي موسى الأشعري أنَّ النَبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ أهل النار ليبكون حتى لو أجريت السفن في دموعهم جرت و إنَّهم ليبكون الدم " .

إخوتاه ..

اتقوا النار فإنكم لا تدرون ما هي ؟ اتقوا النار فاجعلوا بينكم وبينها سترًا ، قدموا الآن القرابين قبل فوات الأوان .

أخرج الطبراني عن فضالة بن عبيد مرفوعًا " اجعلوا بينكم وبين النار حجابا و لو بشق تمرة "


اللحظات الأخيرة


اللحظات الأخيرة

نحن اليوم مع قصه النهاية  نعم النهاية التي لطالما غفلنا أو تغافلنا عنها مع أننا مستيقنين بها . إنها اللحظات الأخيرة من عمر لعله يكون طويلا أو قصيرا..أنها اللحظات التي قال المولى عز وجل : { كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق } . نعم عباد الله إنه الفراق ... إنه ليس فراقا عاديا وليست رحله عاديه يودع فيها المرء أهله وذويه فترة ثم يعود إليهم وليست تجربه حرة يؤديها الإنسان فإن فشل فيها لجأ إلى غيرها حتى يرتاح إلى نتائجها .إنها تجربة نادرة مع المرء .. ورحلة إلى عالم آخر وفراق في غاية الألم والحرقة .إنها لحظات تكون فيها حالة الزفير أطول من الشهية ويضيق مجرى التنفس حتى وكأن المرء بتنفس من ثقب إبرة والمهم هنا وقبيل توديع الحياة في اللحظات الأخيرة .. في الدقائق الأخيرة من العمر .. بماذا يتلفظ الإنسان ؟مما يشار إليه هنا أن المرء لا يقدر أن يتلفظ بما خطط له في حياته ولا يستطيع أن يقول الكلمات التي دبلجها سابقا الله اكبر ما أعظمها من لحظات .
القصة الأولى: إنه يقرأ القرآن شخص يسير بسيارته سيراً عادياً , وتعطلت سيارته في أحد الأنفاق المؤدية إلى المدينة . ترجّل من سيارته لإصلاح العطل في أحد العجلات وعندما وقف خلف السيارة لكي ينزل العجلة السليمة . جاءت سيارة مسرعة وارتطمت به من الخلف .. سقط مصاباً إصابات بالغة .يقول أحد العاملين في مراقبة الطرق : حضرت أنا وزميلي وحملناه معنا في السيارة وقمنا بالاتصال بالمستشفى لاستقباله شاب في مقتبل العمر .. متديّن يبدو ذلك من مظهره . عندما حملناه سمعناه يهمهم .. ولعجلتنا لم نميز ما يقول , ولكن عندما وضعناه في السيارة وسرنا .. سمعنا صوتاً مميزاً إنه يقرأ القرآن وبصوتٍ ندي .. سبحان الله لا تقول هذا مصاب .. الدم قد غطى ثيابه .. وتكسرت عظامه .. بل هو على ما يبدو على مشارف الموت .استمرّ يقرأ القرآن بصوتٍ جميل .. يرتل القرآن .. لم أسمع في حياتي مثل تلك القراءة . أحسست أن رعشة سرت في جسدي وبين أضلعي . فجأة سكت ذلك الصوت .. التفت إلى الخلف فإذا به رافعاً إصبع السبابة يتشهد ثم انحنى رأسه قفزت إلي الخلف .. لمست يده .. قلبه .. أنفاسه . لا شيء فارق الحياة .نظرت إليه طويلاً .. سقطت دمعة من عيني..أخفيتها عن زميلي.. التفت إليه وأخبرته أن الرجل قد مات.. انطلق زميلي في بكاء.. أما أنا فقد شهقت شهقة وأصبحت دموعي لا تقف.. أصبح منظرنا داخل السيارة مؤثر.وصلنا المستشفى.. أخبرنا كل من قابلنا عن قصة الرجل.. الكثيرون تأثروا من الحادثة موته وذرفت دموعهم.. أحدهم بعدما سمع قصة الرجل ذهب وقبل جبينه.. الجميع أصروا على عدم الذهاب حتى يعرفوا متى يُصلى عليه ليتمكنوا من الصلاة عليه.اتصل أحد الموظفين في المستشفى بمنزل المتوفى.. كان المتحدث أخوه.. قال عنه.. إنه يذهب كل اثنين لزيارة جدته الوحيدة قي القرية.. كان يتفقد الأرامل والأيتام.. والمساكين.. كانت تلك القرية تعرفه فهو يحضر لهم الكتب والأشرطة الدينية.. وكان يذهب وسيارته مملوءة بالأرز والسكر لتوزيعها على المحتاجين..وحتى حلوى الأطفال لا ينساها ليفرحهم بها..وكان يرد على من يثنيه عن السفر ويذكر له طول الطريق..إنني أستفيد من طول الطريق بحفظ القرآن ومراجعته.. وسماع الأشرطة والمحاضرات الدينية.. وإنني أحتسب عند الله كل خطوة أخطوها..من الغد غص المسجد بالمصلين .. صليت عليه مع جموع المسلمين الكثيرة.وبعد أن انتهينا من الصلاة حملناه إلى المقبرة .. أدخلناه في تلك الحفرة الضيقة ..استقبل أول أيام الآخرة .. وكأنني استقبلت أول أيام الدنيا * الزمن القادم ــ عبد الملك القاسم .
القصة الثانية: وهذا شابٌ في سكرات الموت يقولون له : قل لا إله إلا الله .فيقول: أعطوني دخاناً. فيقولون: قل لا إله إلا الله .فيقول: أعطوني دخاناً. فيقولون : قل لا إله إلا الله عله يختم لك بها. فيقول : أنا برئٌ منها أعطوني دخاناً شريط الشيخ على القرني / الإيمان والحياة
القصة الثالثة: وشابٌ آخر كان صاداً وناداً عن الله سبحانه وتعالى وحلت به سكرات الموت التي لابد أن تحل بي وبك .جاء جُلاسه فقالوا له : قل لا إله إلا الله . فيتكلم بكل كلمة ولا يقولها . ثمّ يقول في الأخير أعطوني مصحفاً ففرحوا واستبشروا وقالوا : لعله يقرأ آية من كتاب الله فيختم له بها فأخذ المصحف ورفعه بيده وقال:أشهدكم إني قد كفرت برب هذا المصحف .المصدر السابق
القصة الرابعة: توبة شاب .. معاكس حدثت هذه القصة في أسواق العويس بالرياض . يقول أحد الصالحين : كنت أمشي في سيارتي بجانب السوق فإذا شاب يعاكس فتاة , يقول فترددت هل أنصحه أم لا ؟ ثم عزمت على أن أنصحه , فلما نزلت من السيارة هربت الفتاة والشاب خاف توقعوا أني من الهيئة ,فسلمت على الشاب وقلت : أنا لست من الهيئة ولا من الشرطة وإنما أخٌ أحببت لك الخير فأحببت أن أنصحك . ثم جلسنا وبدأت أذكره بالله حتى ذرفت عيناه ثم تفرقنا وأخذت تلفونه وأخذ تلفوني وبعد أسبوعين كنت أفتش في جيبي وجدت رقم الشاب فقلت: أتصل به وكان وقت الصباح فأتصلت به قلت : السلام عليكم فلان هل عرفتني , قال وكيف لا أعرف الصوت الذي سمعت به كلمات الهداية وأبصرت النور وطريق الحق . فضربنا موعد اللقاء بعد العصر, وقدّر الله أن يأتيني ضيوف, فتأخرت على صاحبي حوالي الساعة ثم ترددت هل أذهب له أو لا . فقلت أفي بوعدي ولو متأخراً, وعندما طرقت الباب فتح لي والده . فقلت السلام عليكم قال وعليكم السلام , قلت فلان موجود , فأخذ ينظر إلي , قلت فلان موجود وهو ينظر إلي باستغراب قال يا ولدي هذا تراب قبره قد دفناه قبل قليل . قلت يا والد قد كلمني الصباح , قال صلى الظهر ثم جلس في المسجد يقرأ القرآن وعاد إلى البيت ونام القيلولة فلما أردنا إيقاظه للغداء فإذا روحه قد فاضت إلى الله . يقول الأب :ولقد كان أبني من الذين يجاهرون بالمعصية لكنه قبل أسبوعين تغيرت حاله وأصبح هو الذي يوقظنا لصلاة الفجر بعد أن كان يرفض القيام للصلاة ويجاهرنا بالمعصية في عقر دارنا , ثم منّ الله عليه بالهداية .ثم قال الرجل : متى عرفت ولدي يا بني ؟ قلت : منذ أسبوعين . فقال : أنت الذي نصحته ؟ قلت : نعم قال : دعني أقبّل رأساً أنقذ أبني من النار شريط نهاية الشباب منوع
القصة الخامسة: سقر وما أدراك ما سقر وقع حادث في مدينة الرياض على إحدى الطرق السريعة لثلاثة من الشباب كانوا يستقلون سيارة واحدة تُوفي اثنان وبقي الثالث في الرمق الأخير يقول له رجل المرور الذي حضر الحادث قل لا إله إلا الله . فأخذ يحكي عن نفسه ويقول : أنا في سقر .. أنا في سقر حتى مات على ذلك . رجل المرور يسأل ويقول ما هي سقر ؟ فيجد الجواب في كتاب الله {سأصليه سقر . وما أدراك ما سقر . لا تبقي ولا تذر . لواحةٌ للبشر ...} { ما سلككم في سقر . قالوا لم نكُ من المصلين ...}شريط كل من عليها فان .. منوع
القصة السادسة: توبة محمد يقول أحد الشباب :نحن مجموعة من الشباب ندرس في إحدى الجامعات وكان من بيننا صديقٌ عزيزٌ يقال له محمد . كان محمد يحيي لنا السهرات ويجيد العزف على النّاي حتى تطرب عظامنا.والمتفق عليه عندنا أن سهرة بدون محمد سهرةٌ ميتة لا أنس فيها.مضت الأيام على هذا الحال. وفي يوم من الأيام جاء محمد إلى الجامعة وقد تغيّرت ملامحه ظهر عليه آثار السكينة والخشوع فجئت إليه أحدّثه فقلت : يا محمد ماذا بك؟ كأن الوجه غير الوجه. فرد عليه محمد بلهجة عزيزة وقال : طلّقت الضياع والخراب وإني تائبٌ إلى الله. فقال له الشاب على العموم عندنا الليلة سهرة لا تفوّت وسيكون عندنا ضيفٌ تحبه إنه المطرب الفلاني . فرد ّ محمد عليه : أرجو أن تعذرني فقد قررت أن أقاطع هذه الجلسات الضائعة فجنّ جنون هذا الشاب وبدأ يرعد ويزبد . فقال له محمد:اسمع يا فلان . كم بقي من عمرك؟ ها أنت تعيش في قوة بدنية وعقلية . وتعيش حيوية الشباب فإلى متى تبقى مذنباً غارقاً في المعاصي . لما لا تغتنم هذا العمر في أعمال الخير والطّاعات وواصل محمد الوعظ وتناثرة باقة ٌمن النصائح الجميلة . من قلبٍ صادق من محمد التائب. يا فلان إلى متى تسوّف؟ لا صلاة لربك ولا عبادة . أما تدري أنك قد تموت اليوم أو غداً . كم من مغترٍ بشبابه وملك الموت عند بابه كم من مغتر عن أمره منتظراً فراغ شهره وقد آن إنصرام عمره . كم من غارقٍ في لهوه وأنسه وما شعر . أنه قد دنا غروب شمسه . يقول هذا الشاب : وتفرقنا على ذلك وكان من الغد دخول شهر رمضان . وفي ثاني أيام رمضان ذهبت إلى الجامعة لحضور محاضرات السبت فوجدت الشباب قد تغيّرت وجوههم . قلت : ما بالكم ؟ قال أحدهم: محمدٌ بالأمس خرج من صلاة الجمعة فصدمته سيارة مسرعة .. لا إله إلا الله توفاه الله وهو صائم مصلّي الله أكبر ما أجملها من خاتمة .قال الشاب : صلينا على محمد في عصر ذلك اليوم وأهلينا عليه التراب وكان منظراً مؤثراً المصدر السابق
القصة السابعة: مصيبة أتوا بشاب إلى جامع الراجحي بالرياض بعد إن مات في حادث لكي يُغسل . وبدأ أحد الشباب المتطوعين يباشر التغسيل وكان يتأمل وجه ذلك الشاب. إنه وجهٌ أبيض وجميل حقاً لكان هذا الوجه بدأ يتغير تدريجياً من البياض إلى السمرة . والسمرة تزداد حتى أنقلب وجهه إلى أسود كالفحم . فخرج الشاب الذي يغسله مسرعاً خائفاً وسأل عن وليّ هذا الشاب . قيل له هو ذاك الذي يقف في الركن ذهب إليه مسرعاً فوجده يدخن . قال : وفي مثل هذا الموقف تدخن ماذا كان يعمل أبنك؟ قال : لا أعلم . قال : أكان يصلي؟ قال: لا والله ما كان يعرف الصلاة. قال: فخذ أبنك والله لا أغسله في هذه المغسلة ثم حُمل ولا يُعلم أين ذُهب به.المصدر السابق
القصة الثامنة: الرحيل ..بدت أختي شاحبة الوجه نحيلة الجسم.. لكنها كعادتها تقرأ القرآن الكريم .. تبحث عنها تجدها في مصلاها راكعة ساجد رافعة يديها إلى السماء .. هكذا في الصباح وفي المساء وفي جوف الليل لا تفتر ولا تمل ..كنت أحرص على قراءة المجلات الفنية والكتب ذات الطابع القصصي .. أشاهد الفيديو بكثرة لدرجة أني عُرفت به.. ومن أكثر من شيء عُرف به.. لا أؤدي واجباتي كاملة , ولست منضبطة في صلواتي ..بعد أن أغلقت جهاز الفيديو وقد شاهدت أفلاماً منوعة لمدة ثلاث ساعات متواصلة.. ها هو ذا الأذان يرتفع من المسجد المجاور .. عدت إلى فراشي .تناديني من مصلاها .. قلت نعم ماذا تريدين يا نورة ؟ قالت لي بنبرة حادة : لا تنامي قبل أن تصلي الفجر ..أوه.. بقي ساعة على صلاة الفجر وما سمعته كان الأذن الأول بنبرتها الحنونة ــ هكذا هي حتى قبل أن يصيبها المرض الخبيث وتسقط طريحة الفراش ــ نادتني : تعالي يا هناء إلى جانبي .. لا أستطيع إطلاقاً ردّ طلبها ..تشعر بصفائها وصدقها نعم ماذا تريدين ؟ أجلسي .. ها قد جلست ماذا تريدين ؟ بصوت عذب {كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة }.سكتت برهة .. ثم سألتني: ألم تؤمني بالموت ؟.. بلى مؤمنة ألم تؤمني بأنك ستحاسبين على كل صغيرة وكبيرة ؟ بلى .. لكن الله غفور رحيم .. والعمر طويل ..يا أختي ألا تخافين من الموت وبغتته ؟ انظري هنداً أصغر منكِ وتوفيت في حادث سيارة .. وفلانة وفلانة .. الموت لا يعرف العمر وليس مقياساً له ..أجبتها بصوت خائف حيث مصلاها المظلم ..إنني أخاف من الظلام وأخفتيني من الموت .. كيف أنام الآن؟ كنت أظن أنكِ وافقتي على السفر معنا هذه الإجازة .فجأة .. تحشرج صوتها وأهتز قلبي ..لعلي هذه السنة أسافر سفراً بعيداً.إلى مكان آخر..ربما يا هناء الأعمار بيد الله .. وانفجرتُ بالبكاء..تفكرت في مرضها الخبيث وأن الأطباء أخبروا أبي سراً أن المرض ربما لن يمهلها طويلاً .. ولكن من أخبرها بذلك .. أم أنها تتوقع هذا الشيء ؟ ما لك بما تفكرين ؟ جاءني صوتها القوي هذه المرة ..هل تعتقدين أني أقول هذا لأني مريضة ؟ كلا .. ربما أكون أطول عمراً من الأصحاء .. وأنت إلى متى ستعيشين ؟ ربما عشرين سنة .. ربما أربعين .. ثم ماذا ؟ لمعت يدها في الظلام وهزتها بقوة..لا فرق بيننا, كلنا سنرحل وسنغادر هذه الدنيا إما إلى الجنة أو إلى النار ..تصبحين على خير هرولتُ مسرعة وصوتها يطرق أذني هداك الله .. لا تنسي الصلاة ..وفي الثامنة صباحاً أسمع طرقاً على الباب .. هذا ليس موعد استيقاظي .. بكاء .. وأصوات .. ماذا جرى ؟ لقد تردت حالة نورة وذهب بها أبي إلى المستشفى ..إنا لله وإنا إليه راجعون ..لا سفر هذه السنة , مكتوب عليّ البقاء هذه السنة في بيتنا ..بعد انتظار طويل .. بعد الواحدة ظهراً هاتفنا أبي من المستشفى .. تستطيعون زيارتها الآن .. هيا بسرعة..أخبرتني أمي أن حديث أبي غير مطمئن وأن صوته متغير ..ركبنا في السيارة .. أمي بجواري تدعو لها ..إنها بنت صالحة ومطيعة .. لم أرها تضيّع وقتاً أبداً ..دخلنا من الباب الخارجي للمستشفى وصعدنا درجات السلم بسرعة . قالت الممرضة : إنها في غرفة العناية المركزة وسآخذكم إليها , إنها بنت طيّبة وطمأنت أمي إنها في تحسن بعد الغيبوبة التي حصلت لها .. ممنوع الدخول لأكثر من شخص واحد . هذه غرفة العناية المركزة .وسط زحام الأطباء وعبر النافذة الصغيرة التي في باب الغرفة أرى عيني أختي نورة تنظر إليّ وأمي واقفة بجوارها , بعد دقيقتين خرجت أمي التي لم تستطع إخفاء دمعتها .سمحوا لي بالدخول والسلام عليها بشرط أن لا أتحدّث معها كثيراً .كيف حالك يا نورة ؟ لقد كنتِ بخير البارحة.. ماذا جرى لك ؟ أجابتني بعد أن ضغطت على يدي : وأن الآن والحمد لله بخير كنتُ جالسة على حافة السرير ولامست ساقها فأبعدته عني قلت آسفة إذا ضايقتكِ .. قالت : كلا ولكني تفكرت في قول الله تعالى : { والتفت الساق بالساق * إلى ربك يومئذ المساق }عليك يا هناء بالدعاء لي فربما أستقبل عن ما قريب أول أيام الآخرة .. سفري بعيد وزادي قليل .سقطت دمعة من عيني بعد أن سمعت ما قالت وبكيت ..لم أنتبه أين أنا .. استمرت عيناي في البكاء .. أصبح أبي خائفاً عليّ أكثر من نورة .. لم يتعودوا هذا البكاء والانطواء في غرفتي ..مع غروب شمس ذلك اليوم الحزين .. ساد صمت طويل في بيتنا .. دخلت عليّه ابنة خالتي .. ابنة عمتي أحداث سريعة.. كثر القادمون .. اختلطت الأصوات .. شيء واحد عرفته .........نورة ماتت .لم أعد أميز من جاء .. ولا أعرف ماذا قالوا ..يا الله .. أين أنا ؟ وماذا يجري ؟ عجزت حتى عن البكاء ..تذكرت من قاسمتني رحم أمي , فنحن توأمان .. تذكرت من شاركتني همومي .. تذكرت من نفّست عني كربتي .. من دعت لي بالهداية .. من ذرفت دموعها ليالي طويلة وهي تحدّثني عن الموت والحساب ..الله المستعان .. هذه أول ليلة لها في قبرها .. اللهم ارحمها ونور لها قبرها .. هذا هو مصلاها .. وهذا هو مصحفها.. وهذه سجادتها .. وهذا .. وهذا ..بل هذا هو فستانها الوردي الذي قالت لي سأخبئه لزواجي..تذكرتها وبكيت على أيامي الضائعة .. بكيت بكاءً متواصلاً ودعوت الله أن يتوب علي ويعفو عنّي .. دعوت الله أن يثبّتها في قبرها كما كانت تحب أن تدعو .الزمن القادم ــ عبد الملك القاسم القصة التاسعة
يريد أن يجدّد العلاقة مع ربه يقول من وقف على القصة : ذهبنا للدعوة إلى الله في قرية من قرى البلاد فلما دخلناها وتعرفنا على خطيب الجامع فيها قال خطيب الجامع: أبنائي أريد منكم أحد أن يخطب عني غداً الجمعة . يقول فتشاورنا , فكانت الخطبة عليّ أنا . فتوكلت على الله . وقمت في الجمعة خطيباً ومذكراً وواعظاً, وتكلمت عن الموت وعن السكرات وعن القبر وعن المحشر وعن النار وعن الجنّة . يقول : فإذا البكاء يرتفع في المسجد فلما انتهينا من الصلاة فإذا شابٌ ليس عليه سمات الالتزام يتخطى الناس ويأتي إليّ وكان حليق اللحية مسبل الثوب رائحة الدخان تنبعث من ثيابه فوضع رأسه على صدري وهو يبكي بكاءً مراً , ويقول : أين أنتم أخي ؟ أريد أن أتوب مللت من المخدرات مللت من الضياع . أريد أن أتوب ــ يريد أن يجدد العلاقة مع الله , يريد أن يمسك الطريق المستقيم ــ يقول فأخذناه إلى مكان الوليمة الذي أعد لنا . فأعطيناه رقم الهاتف .. واتصل بنا بعد أيام وقال : لا بد أن أراكم . يقول فذهبنا إليه وأخذناه إلى محاضرة . وبعد أيام أتصل بنا أيضاً وقال سآتيكم .يقول : فيا للعجب عندما رأيناه وقد قصر ثوبه وأرخى لحيته وترك الدخان , يقول والله لقد رأيت النور يشعّ من وجهه .يقول : ثم ذهب من قريته إلى مدينة أخرى في نجد . ذهب إلى أمه . جلس معها عند أخيه فإذا هو بالليل قائم وبالنهار صائم لمدة ثلاثة أشهر وفي رمضان قال لأمه : أريد أن أذهب إلى إفغانستان .. لا يكفر ذنوبي إلى الجهاد . قالت أمه:
أذهب بني .. أذهب رعاك الله .قال : بشرط أن أذهب بكِ إلى العمرة قبل أن أذهب إلى إفغانستان . فإذا بأخيه يقول له : أخي لا تذهب بسيارتي إلى العمرة فقد اشتريتها بأقساط ربويه . قال : والله لن أذهب إلى مكة ولكن سوف أذهب إلى الرياض لأبيع هذه السيارة واشتري لك سيارة خيراً منها .وفي طريقه إلى الرياض تنقلب به السيارة ويموت وهو صائم .. ويموت وهو يحمل القرآن .. ويموت ذاهبٌ إلى إفغانستان .. ويموت وهو بارٌ بأمة .. ويموت وهو بنية العمرة شريط نهاية الشباب .. منوع
القصة العاشرة: من يخونه قلبه ولسانه عند الاحتضار ** ذكر هشام عن أبي حفص قال : دخلتُ على رجلٍ بالمصيصة {مدينة على شاطيء جيحان} وهو في الموت . فقلت : قل لا إله إلا الله . فقال : هيهات حيل بيني وبينها ** وقيل لآخر : قل لا إله إلا الله . فقال : شاه رخ { اسمان لحجرين من أحجار الشطرنج لأنه في حياته كان مفتوناً به} غلبتك . ثم مات .** وقيل لآخر : قل لا إله إلا الله. فجعل يهذي بالغناء ويقول تاتنا تنتنا حتى مات .** وقيل لآخر : قل لا إله إلا الله . فقال : ما ينفعني ما تقول ولم أدع معصية إلا ارتكبتها ثم مات ولم يقلها .** وقيل لآخر ذلك . فقال : وما يغني عنّي وما أعرف أني صليت لله صلاة ثم قُضي ولم يقلها .** وقيل لآخر ذلك فقال : هو كافر بما تقول وقضي من كتاب :الجزاء من جنس العمل د/ سيد حسين العفاني 

Power Burning Wizard 7.5.3


Power Burning Wizard 7.5.3

برنامج حرق  CD . دي في دي  .حرق الاسطوانات المدمجة وأقراص الفيديو الرقمية، بما في ذلك تقنية بلو راي و HD-أقراص الفيديو الرقمية.

 كما أن لديها القدرة على حرق، مزق وإنشاء ملفات ISO وكذلك أقراص محو. اعتمادا على ميزة مجموعة من البرامج، ودعم هذا البرنامج حرق و إنشاء الأقراص المدمجة ،  والأقراص المدمجة السمعية وأقراص مدمجة للتمهيد وأقراص الفيديو الرقمية وأقراص الفيديو الرقمية البيانية، الخ واجهة guidable تمكنك من جعل ملفات الموسيقى لا تشوبه شائبة أو أشرطة الفيديو المنزلية لتبادل أو إنشاء صور القرص في صيغ ISO.

سهولة الاستخدام القصوى:

واجهة مفهومة تمكنك من العثور واستخدام أي شيء تريده في ثواني

أدلة المعالج العملية  خطوة خطوة

نقرات قليلة فقط، كل شيء يتم بشكل جيد


نظام التشغيل: ويندوز XP / Vista / 7/8

ما هو الجديد:

التحديثات: الموقع الرسمي لا توفر أي معلومات حول التغييرات في هذا الإصدار

================


Assistant Puissance Burning 7.5.3 | 3,05 Mb

Puissance Burning Studio est un programme rapide et CD graveur de DVD facilité à utiliser pour graver des CD et des DVD, y compris Blu-Ray et HD-DVD. Il a aussi la capacité à brûler, déchirer et créer des fichiers ISO, ainsi que des disques d'effacement. Selon l'ensemble du logiciel de fonction, ce programme de gravure professionnelle soutenir la création de CD de données, VCD, CD audio, CD de démarrage, des DVD vidéo, des DVD de données, etc. L'interface peut être guidé vous permet de créer des fichiers musicaux sans faille ou des vidéos de la maison pour partager , ou de créer des images de disque dans des formats ISO.

Facilité d'utilisation extrêmes:

L'interface compréhensible vous permet de trouver et utiliser ce que vous voulez en quelques secondes

L'assistant de fonctionnement vous guide étape par étape

Juste quelques clics, tout est bien fait

Brûler Puissant et Capacité d'extraction:

Graver un CD / DVD de données pour sauvegarder les données importantes de ne importe quel type de fichier

Graver de la musique au format MP3, WAV, WMA, OGG, ASF, WMV Audio CD / DVD

Graver VCD, DVD MPEG-1, MPEG-2 vidéos

Rip CD audio sans aucune perte de qualité

Extrayez des pistes de CD audio non protégés et les sauve comme MP3, WMA, OGG, et WAV

Gravure personnalisable:

Le mode de combustion pour vous aider à créer des CD de haute qualité

Sélectionnez une vitesse de gravure appropriée pour répondre à vos exigences de vitesse

Utilisez le CD-Text pour modifier le titre et artiste texte à la sortie

Utilisez le mode de test (simulation de la combustion) pour check-up si la qualité de la gravure est satisfait ou pas

Brûlez tous les types de disques en ajoutant ou supprimant des fichiers ou des dossiers

Large gamme de support de formats de disques:

De nombreux formats de disque sont pris en charge, tels que les DVD-R / DVD + R, DVD-RW / DVD + RW, DVD + R DL, CD-RW et CD + R / CD-R, etc.

ISO Burner / ISO Ripper / ISO Maker Intérieur:

Gravez votre ISO et CD DVD / fichier image sur un CD-R, CD-RW, DVD-R, DVD-RW, DVD + R, DVD + RW, HD DVD et Blu-ray Disc à haute vitesse

CD / DVD image ISO pour la sauvegarde permanente Rip sur votre disque dur ou autre support de stockage et faire des films empruntés et PC disques de jeux aux fichiers ISO pour le divertissement sans coût

Créer une image ISO à partir de tous les fichiers et dossiers facilement

Plus de fonctions utiles

Gomme de disque est très rapide à supprimer le contenu indésirable de votre disque dur

L'information de dispositif d'affichage de l'outil d'informations détaillées de lecteur de disque de votre PC

Plus à venir ...

Système d'exploitation: Windows XP / Vista / 7/8

Quoi de neuf:

Mises à jour: le site officiel ne fournit aucune information sur les changements dans cette version

================

[Notes d'installation]

================

(1): Se il vous plaît utiliser 7Zip / WinRAR / Universal Extractor pour extraire les fichiers

(2): exécuter l'installation

(3): Utilisez la touche de série donnée pour activer

(4): Profitez et soutien Développeurs, l'acheter, Ils méritaient!

=============

REMARQUE

=============

Keygens, patchs, activateurs, fissures, etc. Chargeurs sont toujours analysés avec Kaspersky Internet Security 2014 version la plus récente pour éviter les problèmes de virus. Anti-virus différents peuvent donner des résultats 

différents

 

 

لتحميل البرنامج

http://www.gulfup.com/?PRmXZB