الخميس، 7 مايو 2015

وسائل التي استخدمها أعداء هذا الدين قديماً وحديثاً لحرب الإسلام


وسائل التي استخدمها أعداء هذا الدين قديماً وحديثاً لحرب الإسلام

-----------------------

الحمد لله حمداً لا ينفد، أفضل ما ينبغي أن يحمد، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء محمد وعلى آله وصحبه ومن تعبد.

إن دين الإسلام اليوم يحارب بكل شدة وعنف من قبل أعدائه من الكافرين. وهم يستخدمون كل وسيلة في سبيل الصد عن سبيل الله وعن دين الله, فيستخدمون الوسائل المقروءة والمسموعة والمرئية.

ولكن اعلم وفقني الله وإياك أن هذا الأمر قد بدأ منذ بدأت الدعوة الأولى لهذا الدين على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد حاول كفار قريش منذ تلك الأيام منع انتشار الإسلام والصد عن سبيل الله كما يفعله اليوم الكافرون والمنافقون تماماً، إلا أن كفار اليوم والمنافقين يستخدمون وسائل حديثة لأساليب قديمة. وتأمل في سيرة رسول الله صلى لله عليه وسلم تجد ذلك واضحاً بيناً. وخذ بعض الأمثلة.

أولاً: استخدم أعداء الدين قديماً وسيلة التشويه، فحاولوا تشويه صورة النبي صلى الله عليه وسلم عند العرب لكيلا يقبل دعوته أحد، واستمع إلى ما ذكره ابن كثير في البداية والنهاية يقول:عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الوليد بن المغيرة اجتمع ونفر من قريش، وكان ذا سن فيهم، وقد حضر الموسم -يعني موسم الحج- فقال: إن وفود العرب سوف تقدم عليكم فيه، وقد علموا بأمر صاحبكم هذاـ يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجمعوا فيه رأياً واحداً، ولا تختلفوا فيه فيكذب بعضكم بعضاً، فقيل: يا أبا عبد شمس فقل وأقم لنا رأياً نقول به.

فقال: بل أنتم فقولوا، وأنا اسمع، فقالوا: نقول: كاهن، فقال: ما هو بكاهن، رأيت الكهان فما هو بزمزة الكهان، فقالوا: نقول: مجنون، فقال: ماهو بمجنون، ولقد رأينا الجنون وعرفناه، فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته. فقالوا: نقول: شاعر. فقال: ما هو بشاعر، قد عرفنا الشعر برجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه، فما هو بالشعر. قالوا: نقول: ساحر، قال: ما هو بساحر، قد رأينا السحار وسحرهم، فما هو بنفثه ولا عقده.

قالوا: فما نقول يا أبا عبد شمس؟ قال: والله إن لقوله لحلاوة، وإن أصله لعذق، وإن فرعه لجني، فما أنتم بقائلين شيئاً من هذا إلا عرف أنه باطل. وإن أقرب القول أن تقولوا: هذا ساحر، فتقولون: هو ساحر، يفرق بين المرء وزوجه، وبين المرء وأبيه، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وعشيرته. فتفرقوا عنه بذلك.

فجعلوا يجلسون للناس حتى قدموا الموسم فلا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه وذكروا لهم أمره ـ يعني يقولون لهم: احذروا هذا الساحرـ.

هذه صورة واحدة من صور كثيرة قد ذكرت في كتب السيرة لا نريد الإطالة بذكرها.

هذا وما يلقاه الإسلام اليوم من حرب دعائية من خصومه بحيث تسلطت الأجهزة اليهودية والصليبية والشيوعية والمنافقين، كل أجهزتهم ووسائلهم الإعلامية لتشويه الإسلام وتصويره ديناً وثنياً أو إرهابياً أو متخلفاً يمثل حضارة الجمل والصحراء.

وهذا دليل على استمرار هذا الخط الدعائي ضد الإسلام، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يصورون المسلمين بأنهم متخلفون لأنهم متمسكون بإسلامهم ويحملون الإسلام كل التخلف الحضاري الموجود عند المسلمين، ويمثلون الصحوة الإسلامية المعاصرة بأنها يقودها الأصوليون والمتطرفون الذين يريدون تدمير كل منتجات الحضارة البشرية المعاصرة ويريدون العودة بالبشرية إلى القرون الوسطى وعهود التخلف.

ولا شك أن تلك مغالطة مكشوفة ودسيسة معروفة يردها العاقل اللبيب ويرفضها كل ذي فطرة سليمة.

ولعلنا أن نتحدث عنها في خطبة أخرى بتوسع، حيث كثيراً ما يربط أعداء المسلمين بين الإسلام وبين ما عليه المسلمون اليوم من تخلف، ويعزون ذلك إلى التمسك بالإسلام حتى اشتبه ذلك على قليلي الدين والعلم من المسلمين وقالوا بقولهم.

ونقف إخوة الإيمان مع هذا الموقف العجيب لأعداء الإسلام من كفار قريش حيث نتأمل كلماتهم.

الوقفة الأولى: اجتماعهم قبل موسم الحج لعلمهم بأن الحجاج قادمون، وسيسمعون كلام محمد صلى الله عليه وسلم. ولعلمهم بقوة تأثير كلامه عليه الصلاة والسلام وقوة القرآن الذي يدعو به الناس خافوا أن يقبل منه أناس كثير ويدخلوا في دينه. فاجتمعوا لأجل ضرب الدعوة في هذا الموسم العظيم حتى لا تكبر و يصبح لها أتباع. وذلك هو الذكاء الشيطاني الذي أوحى إلى أولئك بهذا الاجتماع في ذلك الوقت بالذات.

الوقفة الثانية: رد الوليد بن المغيرة لكل الاقتراحات التي اقترحوها ليقولوا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاعر أو مجنون أو كاهن. لعدم جدواها وبيان بطلانها.

فهو يعرف أن للناس عقولاً تفكر بها وليس لمجرد أن يقال لهم هذا الرجل كاهن أو شاعر أو مجنون سيصدقون بل إذا نظروا في أمره صلى الله عليه وسلم فسرعان ما تنكشف عندهم تلك الدعاوى الكاذبة. وفي هذا عبرة لكل مسلم بل لكل عاقل أن لا يتأثر بالدعاوى الباطلة، بل عليه أن ينظر في الأمور ويتأمل ليعلم صدقها من كذبها، فقد يسمع إنسان منا عن التمسك بالدين أنه تشدد وأنه تنطع، وأنه يجب على من تمسك بدينه أن لا يضحك ولا يرفه عن نفسه بأي شيء. بل عليه أن يمكث في بيته أو عمله فقط ولا يخرج ولا يذهب وغير ذلك مما ينتشر حول من يتمسك بدينه. فتأمل بعقلك وانظر بعينك ولا تسلم عقلك لأحد ليفعل فيه ما شاء أو يملأه بما شاء، فإن لك عقلاً كما له.

ومثل هذه الأمور ينبغي أن لا تؤخذ مسلمات من أي أحد، بل ينظر العاقل فيها ويعلم الحق من الباطل. روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قدم ضماد مكة وهو رجل من أزد شنوءة، وكان يرقي من هذه الرياح ـ يعني الجنون ومس الجن ـ، فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون: إن محمداً مجنون، فقال: أين هذا الرجل لعل الله أن يشفيه على يدي؟ قال: فلقيت محمداً فقلت: إني أرقي من هذه الرياح، وإن الله يشفي على يدي من شاء، فهلم. فقال محمد صلى الله عليه وسلم: ((إن الحمد لله نحمده ونستعينه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله لا شريك له)) ثلاث مرات. فقال الرجل: أعد علي كلماتك هؤلاء، فأعادهن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات. فقال: لقد سمعت قول الكهنة وقول السحرة وقول الشعراء، فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء ولقد بلغن قاموس البحر. ثم قال: هات يدك أبايعك على الإسلام. قال: فبايعه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى قومك، قال وعلى قومي.

فتأمل في حال السفهاء كيف يشوهون صورة الداعية الأول محمد صلى الله عليه وسلم. وتأمل حال ذلك الرجل العاقل عندما سمع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف عرف أنه حق، وأنه رسول وأسلم على يديه. وتأمل لو أنه سمع كلام أولئك الذين شوهوا صورة رسول الله ولم يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب إلى قومه بتلك الصورة المشوهة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا كان سيحدث؟ هل كان سيصبح من المسلمين؟! لا شك أنه لم يكن ليسلم لو صدق سفهاء قريش وذهب دون أن يسمع من رسول الله . ولكن العاقل كما يقولون خصيم نفسه.

واستخدم أعداء الإسلام قديماً وسيلة أخرى وهي وسيلة الترغيب والإغراء بعرض الدنيا الزائل بغية صرف الرسول عن دينه والعمل به والدعوة إليه. قال ابن كثير في البداية والنهاية: "قال الإمام عبد بن حميد في مسنده عن جابر بن عبد الله قال: (اجتمعت قريش يوماً فقالوا: انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر، فليأت هذا الرجل الذي فرق جماعتنا، وشتت أمرنا، وعاب ديننا، فليكلمه، ولينظر ماذا يرد عليه؟ فقالوا: ما نعلم أحداً غير عتبة بن ربيعة، فقالوا: أنت يا أبا الوليد، فأتاه عتبة فقال: يا محمد أنت خير أم عبدالله؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: أنت خير أم عبدالمطلب؟ فسكت رسول الله . فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك، فقد عبدوا الآلهة التي عبت، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع قولك. إنا والله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومك منك، فرقت جماعتنا، وشتت أمرنا، وعبت ديننا، وفضحتنا في العرب حتى لقد طار فيهم، أن في قريش ساحراً، وأن في قريش كاهناً، والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى، أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف حتى نتفانى.

أيها الرجل: إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك من أموالنا، حتى تكون أغنى قريش رجلاً، وإن كان إنما بك الباه - يعني حب النساء - فاختر أي نساء قريش شئت فلنزوجك عشراً. فقال رسول الله : ((فرغت؟ قال: نعم. فقال رسول الله بسم الله الرحمن الرحيم: حم تَنزِيلٌ مّنَ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ كِتَابٌ فُصّلَتْ ءايَاتُهُ قُرْءاناً عَرَبِيّاً لّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ إلى أن بلغ فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ [فصلت:13]. فقال عتبة: حسبك، ما عندك غير هذا؟ قال: لا. فرجع عتبة خائباً إلى بقية كفار قريش)).

وفي رواية ابن إسحاق أنهم قالوا له : فإن كنت جئت بهذا الحديث تطلب مالاً، جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت إنما تطلب الشرف فينا سودناك علينا، وإن كنت تريد ملكاً ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئياً من الجن تراه قد غلب عليك بذلنا أموالنا في طلب الطب حتى نبرئك منه أو نعذر فيك.

فقال رسول الله : ((ما بي ما تقولون، ما جئتكم أطلب أموالكم، ولا الشرف فيكم، ولا الملك عليكم، ولكن الله بعثني إليكم رسولاً، وأنزل علي كتاباً، وأمرني أن أكون لكم بشيراً ونذيراً، فبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيننا وبينكم..)).

وهكذا أيها المؤمنون جاءت الإغراءات المادية والمساومات لرسول الله لكي يترك الدعوة التي جاء بها. وذلك لم يحدث من قريش إلا بعد أن استخدمت وسائل أخرى وطرقاً كثيرة فلم تجدِ شيئاً في حرب هذا الدين. فأقبلت بفتنة المال والجاه والشهوات تعرضها على الداعية الأول عليه أفضل الصلاة والسلام. وهذه طريقة تستخدم اليوم مع المسلمين لصرفهم عن دينهم كذلك. والتنصير الذي ينتشر في كثير من بلاد المسلمين اليوم خير شاهد على ذلك. وما هذه الفتن التي تعرض في وسائل الإعلام إلا نوع من فتنة الإغراء بالشهوات لإفساد المسلم.

ولكن ليعلم كل مسلم أن الله ناصر هذا الدين، وستعلو كلمة الله، وأن المستقبل لهذا الدين كما أخبر رسولنا ، فعن المقداد بن الأسود يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يبقى على الأرض بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله الإسلام، بعز عزيز أو بذل ذليل)) [رواه ابن حبان].

0 التعليقات:

إرسال تعليق