الثلاثاء، 17 مارس 2015

نزوات الجاهلية ورياح العنجهية قد دفناها وأقمنا فوقها صرحاً جديداً وتساوى الناس لدينا أحراراً وعبيداً



الإسلام حينما قال: لا إكراه في الدين صان حرية الاعتقاد، وحينما دعانا إلى التفكير أعطانا لوازم حرية الاعتقاد، ولحكمة بالغة بالغة أن أحداً في الأرض لا يستطيع أن يطلع على ما في رأسك، وهذه أعظم حرية، قولك قد يكون مراقباً، أما تفكيرك غير مراقب، اعتقادك غير مراقب، لك أن تعتقد ما تشاء، فإذا إنسان أكره وقلبه مطمئن في الإيمان فهو عند الله مؤمن.

~~

حق الكرامة، كل إنسان له الحق أن يتمتع بأعلى درجة من الكرامة، وفي القرآن الكريم آية كريمة فيها قانون الكرامة:

﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26)﴾

( سورة يونس )

الكرامة سببها الاستقامة والإحسان، وكل إنسان بعمله فإذا كان متقناً يرفع رأسه، أقول لكم هذه الكلمة أيها الأخوة: كن نظيفاً، وكن واضحاً، وكن مستقيماً، ولا تخشَ أحداً، ارفع رأسك يا أخي لا تُمَوِّتْ علينا ديننا، إنسان كان يمشي مطأطئ الرأس علاه عمر بالدرة وقال له: ارفع رأسك فالإسلام عزيز.

أما عندما تأكل مالاً حراماً تطأطئ الرأس، وتقبّل الأقدام، والإنسان يضعف مركزه عندما يرتكب إثماً، أما إذا كان طائعاً لله ينبغي أن يكون رافع الرأس، لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه.

ابتغوا الحوائج بعزة الأنفس فإن الأمور تجري بالمقادير، وسيدنا عمر بن الخطاب عندما استدعى ابن عمرو بن العاص من مصر لأنه ضرب مواطناً من مصر بغير حق، قال له: اضرب ابن الأكرمين، قال كلمته المشهورة التي تكتب بمداد من ذهب، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً.

~~

حق الكرامة حق لجميع المؤمنين، لجميع بني البشر، سيدنا عمر حينما داس أعرابي من فزارة طرف رداء ملك من ملوك الغساسنة في أثناء الطواف، التفت الملك وضربه ضربةً هشمت أنفه، البدوي شكاه إلى عمر فاستدعاه عمر، قال: أصحيح ما ادعى هذا الفزاري الجريح ؟ (انظروا إلى الإسلام كيف حفظ حق الكرامة !!) قال: لست ممن يكتم أو ينكر شياً، أنا أدبت الفتى أدركت حقي بيدي، فقال له: أرضِ الفتى لابد من إرضائه ما زال ظفرك عالقاً بدمائه، أو يهشمن الآن أنفك وتنال ما فعلته كفك، قال: كيف ذاك يا أمير ؟ هو سوقة وأنا عرش وتاج، كيف ترضى أن يخر النجم أرضاً ؟ قال: نزوات الجاهلية هذه ورياح العنجهية قد دفناها وأقمنا فوقها صرحاً جديداً وتساوى الناس لدينا أحراراً وعبيداً، قال: كان وهماً ما جرى في خلدي أنني عندك أقوى وأعز، أنا مرتد إذا أكرهتني، قال: عنق المرتد بالسيف تحز، عالم نبنيه كل صدع فيه بشبا السيف يداوى، وأعز الناس بالعبد بالصعلوك تساوى.

~~

حينما تستمعون إلى حقوق الإنسان ينبغي أن تعتزوا بإسلامكم، حقوق الإنسان أعلنت في عام ألف وتسعمئة وثمانية وأربعين عقب الحرب العالمية الثانية، بعد أن قتلت الحرب أكثر من ثلاثةٍ وستين مليون إنسان، عدا المشوهين، انتهت الحرب العالمية الثانية بمجموع قتلى يساوي ثلاثةٍ وستين مليون إنسان، ودمرت كل شيء.

عقب هذه الحرب أعلنت حقوق الإنسان في العاشر من كانون الأول عام ألف و تسعمئة وثمانية وأربعين، بينما حقوق الإنسان في الإسلام معلنة بآيات من كتاب الله قبل ألف و أربعمئة عام.

~~

حق الحياة مصون في الإسلام في أعلى درجة، الذي يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها، الذي يقتل نفساً بغير نفس أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً.

 

 


الشيخ محمد راتب النابلسي

0 التعليقات:

إرسال تعليق