الثلاثاء، 17 مارس 2015

شقيقة الصلاة في القرآن والسنة

- الزكاة ركن من أركان الإسلام، ودعامة من دعائم الإيمان، وإيتاؤهاـ مع إقامة الصلاة والشهادة لله بالوحدانية ولمحمد بالرسالة ـ عنوان على الدخول في الإسلام، واستحقاق أخوة المسلمين: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم) (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين). إنها فريضة لازمة يُكَفَّر من جحدها، ويُفَسَّقُ من منعها، ويُقَاتَلُ من تحدى جماعة المسلمين بتركها.

- الزكاة هي الشعيرة الثانية في الإسلام , والركن المالي الاجتماعي من أركانه العظام, وهى شقيقة الصلاة في القرآن والسنة , قرنت بها في كتاب الله ثمانية وعشرين مرة ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون).

- الزكاة عبادة قديمة - كالصلاة - جاءت بها النبوات, وحث عليها الأنبياء, وكانت في طليعة وصايا الله لهم, وفى طليعة وصاياهم إلى أممهم. أثنى الله على أبى الأنبياء إبراهيم وعلى إسحاق ويعقوب فقال لهم : ( وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة , وكانوا لنا عابدين ). وأثنى على إسماعيل بقوله : ( وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضياً) . وجاء في خطابه لموسى :( ورحمتي وسعت كل شئ , فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون ) . وقال على لسان عيسى في المهد: (وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً) وقال في أهل الكتاب: ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنيفا ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة, وذلك دين القيمة ). .......................... ...

- إلا أن الزكاة التي فرضها الإسلام - وان اشتركت في الأصل والاسم مع الزكاة في الديانات السابقة - هي في الواقع نظام جديد فريد, لم يسبق إليه دين سماوي, ولا قانون أرضي. إنها ليست مجرد إحسان موكول إلى إيمان الفرد وضميره, ولكنها ضريبة وعبادة يحرسها إيمان الفرد, ورقابة الجماعة, وسلطان الدولة .

- الزكاة تؤخذ بواسطة الإمام والسلطات الشرعية, وبعبارة أحرى بواسطة الدولة المسلمة, عن طريق الجهاز الإداري الذي نص عليه القرآن في صراحة وسماه: (العاملين عليها) وجعل لهم سهماً من مصارف الزكاة , دلالة على استقلال ميزانيتها من الأبواب الأخرى في الميزانية, ومن ثم قال القرآن:(خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) وجاء , في الحديث من الزكاة: ( أنها تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ), فهي - إذن - فريضة تؤخذ أخذاً, وليست تبرعاً اختياريا متروكاً لضمائر الأشخاص.

ولا نعجب بعد ذلك إذا حدثنا التاريخ الصادق أن الخليفة الأول لرسول الله, أبا بكر الصديق, جيش الجيوش, وبعث الكتائب, وأعلن الحرب على أقوام من العرب امتنعوا عن أداء الزكاة, وقالوا: نقيم الصلاة ولا نؤتي الزكاة, فأبى الصديق أن يهادنهم في شيء مما أوجب الله, وقال كلمته الشهيرة : ( والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة , والله لو منعوني عناقاً- أي عنزة صغيرة , وفى رواية : عقالاً - كانوا يؤدون لرسول الله لقاتلهم عليه). ولم يفرق أبو بكر بين المرتدين الذين اتبعوا أدعياء النبوة, وبين الممتنعين من إيتاء الزكاة وقاتل أولائك وهؤلاء .

- الزكاة حق للفقير بوصفه أخا للغني في الدين والإنسانية، فقد جعل الإسلام المجتمع كالأسرة الواحدة يكفل بعضه بعضا، بل كالجسد الواحد إذا اشتكى بعضه اشتكى كله، وليس من الإيمان ولا من الإنسانية أن يشبع بعض الناس حتى يشكو التخمة، وإلى جواره من طال حرمانه حتى من الجوع.

- والزكاة بعد ذلك ـ وقبل ذلك ـ حق الله تعالى، فالله هو المالك الحقيقي لكل ما في الكون أرضه وسمائه، والمال في الحقيقة ماله، لأنه خالقه وواهبه وميسر سبله، ومانح الإنسان القدرة على اكتسابه.

- أيها المسلمون و الله لو أخرج الأغنياء زكاة أموالهم وأرصدتهم لأراحوا الأمة من بلاء كثير وعناء كبير. إن المسلم اليوم قد يصلي ويصوم ويحج ولكن عندما يصل الأمر إلى جيبه يتغير وجهه وتضيق نفسه ويختلق الأعذار، ويظنّ أن سعادته وفوزه في جمع المال والإكثار منه:

ما شقوة المرء في فقر يعيش بـه ولا سعادتـه يـومـا بإكثــار

إن الشقي الذي في النار منزله والفـوز فوز الذي ينجو من النار

قال تعالى: (ولا يحسبن الذين يبخلون بما أتاهم الله من فضله هو خيرًا لهم بل هو شرّ لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السَّماوات والأرض والله بما تعملون خبيرًا).

0 التعليقات:

إرسال تعليق