الجمعة، 6 مارس 2015

الإصلاح بين المسلمين خُلُق كريم


الحمد لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربّنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.

أمّا بعد:

عبادَ الله، إنَّ مِن خُلُق المسلم حبَّ الخير لإخوانِه المسلمين؛ لذا تراه يسعى في الإصلاحِ بينهم والتوفيق فيما بينهم وتضييقِ هُوّةِ النزاع والاختلاف، يُمليه عليه إيمانُه الحقيقيّ الذي يدعوه لأن يحبَّ لإخوانِه المؤمنين ما يحبُّ لنفسه، ويكره لهم ما يكرهه لنفسه.

أيّها المسلم، فالإصلاح بين المسلمين خُلُق كريم، يسعى فيه ذوو التُّقى والمروءة الذين يحبُّون الخيرَ، ويصبرون على فعلِ الخير، ويتقرَّبون بذلك لربّهم.

أيّها المسلم، لقد أمرنا الله جميعًا بأن نصلِحَ بين إخواننا: فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [الأنفال:1]، فأمرنا ربُّنا أن نصلحَ ذاتَ بينِنا، وأن نوفِّقَ بين إخواننا، وأن نسعى في رَأب الصّدع ما وجدنا لذلك سبيلاً.

أيّها المسلم، لا يخلو المجتمع المسلمُ من اختلافٍ في وجهة النظر، سواء كان هذا الاختلافُ بين الأفراد كنزاعٍ بين رجل وأبيه، وبينه وبين أخيه، وبينه وبين جاره، وبينه وبين زوجته، وبينه وبين شريكه، وبينَه وبين أيِّ فردٍ من أفراد الأمّة المسلمة، أو كان هذا الاختلافُ بين جماعةِ المسلمين عمومًا. إذًا فموقفُ المسلم من هذا الاختلافِ العامّ والخاصّ أنّه يسعى في الإصلاح والتّوفيق ما وجد لذلك سبيلاً، فيصلح بين الأفراد إن استطاع، وبين الجماعةِ إن قدر على ذلك، المهمّ أن يؤدِّيَ واجبَه، وأن يقومَ بهذه المسؤوليّة، امتثالاً لقوله تعالى: فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ.

أيّها المسلم، هذا الخُلُق الكريم يسعى فيه ذوو التّقى والمروءة والأخلاق الكريمة الذين يبتغون بسعيِهم مرضاةَ الله، فهم يخلِصون لله في هذا العمل؛ لذا قال الله: لاَّ خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذالِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:114].

أخي المسلم، تأمَّل معي هذه الآيةَ تأمُّلاً صحيحًا، فقد أخبر الله أنَّ نجوى العباد فيما بينهم ليس كلُّ نجوى خيرًا، فلا خيرَ في كثير من النّجوى إلا نجوى من يأمر في نجواه بالصدقة أو يأمر بالمعروف أو يسعى في الإصلاح بين المتنازعَين، فالتّناجي إذا كان حقيقتُه أمرًا بصدقة، أمرًا بمعروف، سعيًا في الإصلاح بين الناس، فذلك النّجوى النافعة والنّجوى المباركة، وإلاّ فالتّناجي على الإثم والعدوان عملٌ مذموم، قال تعالى: ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْاْ بِالْبِرّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِى إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [المجادلة:9]. إذًا فالتّناجي بين الاثنين أو أكثر إذا كان هدفُ هذا التناجي أن يأمرَ بالصدقة والإحسان لعباد الله ويأمرَ بمعروفٍ وينهى عن منكر أو إصلاحٍ بين الناس فذاك النّجوى المباركة، ثم قال جلّ وعلا: وَمَن يَفْعَلْ ذالِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا، مَن يفعل هذه الأعمالَ يبتغي بها وجهَ الله لا يريد بها جاهًا في الدنيا ومكانًا في المجتمع، وأن يُنظَرَ إليه بأنّه رجل الإصلاح والتوفيق، لا يريد ثناءَ النّاس، إنّما يبتغي بعمله وجهَ الله جلّ جلاله، فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا.

أيّها المسلم، إصلاحُك بين المتنازعَين صدقةٌ مِنك على نفسك، يقول : ((يُصبح على كلِّ سُلامى من الناس صدقة كلّ يوم تطلع فيه الشمس، تعدِل بين اثنين صدقة، وتُعين الرجلَ في دابّته فتحمِله عليها أو ترفع له عليها متاعَه صدقةٌ، وأمرٌ بمعروف صدقة، ونهيٌ عن منكر صدقة))(1)[1]. إذًا فإصلاحُك بين النّاس صدقةٌ منك على نفسك، فاحرِص عليها وفَّقك الله للخير.

أيّها المسلم، كما سبق فالنّزاع يقع بين الأفرادِ وبين الجماعة، والنّزاع بين الجماعة يسعى ذوو التّقى في الإصلاح بينهم، ولذا قال الله: وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُواْ الَّتِى تَبْغِى حَتَّى تَفِىء إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الحجرات:9، 10]، فأمر اللهُ بالإصلاح بين جماعة المسلمين، وأرشدنا إلى أن يكونَ صلحُنا صلحَ عدلٍ لا ظلمَ ولا جور، فلا يقصِد المصلحُ بصلحه نفعَ فئة والإضرارَ بالأخرى، وإنّما يعدل في إصلاحه، فيوفِّق بينَ وجهات النّظر، ويحاول التقريبَ والتَّسديد ما وجد لذلك سبيلا، ولأجل هذا جازَ أن يُعطى من تحمَّل في ذمّته دُيونًا لأجل الإصلاح، أن يُعطى جُزءًا من الزّكاة، ففي تفسير قول الله جلّ وعلا في المستحقِّين لها ـ أي: الزكاة ـ: وَالْغَارِمِينَ [التوبة:60]، قال العلماء: "الغارمون على قسمين: غارمٌ لمصلحة نفسه، وهو من تحمَّل ديونًا لمصلحةِ نفسه، فعجز عن تسديدها، فيُباح أن يُعطى من الزكاة، ثانيًا: غارمٌ تحمَّل لمصلحة الآخرين، للإصلاح بين الآخرين، فيُعطَى مِن الزّكاة قدرَ ما تحمّل ولو كان غنيًّا؛ لأنّ تلك مصلحةٌ عامّة للمسلمين، أن يصلحَ بين القبائل والفئات المتعدِّدة، فإذا تحمَّل حَمَالة في ذمّته جاز أن يأخذَ من الزكاة مقدارَ ما دفع لأجلِ الإصلاح والتّوفيق.

أيّها المسلم، وقد أمرنا ربّنا أن نُصلحَ بين الزّوجين إذا تنازعا: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء:128]، وقال: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا [النساء:35]. إذًا فالإصلاحُ بين الزوجين يقوم به الأهلون أهلُ المرأة وأهلُ الرّجل، يسعَون في الإصلاح بين الزوجين، وينظرون في أسباب الخلاف والنّزاع، فيسعَون في الإصلاح بينهما ما أمكن ذلك، فهو خيرٌ من وقوفِ كلٍّ مع صاحبه، وتعصّبه لرأيِه، هذا غيرُ مطلوب، المطلوب الإصلاحُ بين الزوجين والتوفيق بينهما ومحاولةُ إزالةِ أسباب النزاع ووعظهما، وتذكيرهما حتى يرجعا إلى الحقّ ويعودا إلى الصواب.

أيّها المسلم، نزاعٌ يقع أحيانًا بين الرَّحم، إذا استمرَّ ذلك النزاع أدّى إلى قطيعةِ الأرحام وبُعد بعضهم عن بعض، والشيطان حريصٌ على هذا الأمر العظيم؛ لأنّ قطيعةَ الرحم أمرٌ يسخطه الله، فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِى الأَرْضِ وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ أَوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22، 23].

إذًا فالمسلمُ يسعى بين أفرادِ الرّحم عندها يبدو ظاهرةُ النّزاع والشّقاق، فيصلح بين الرّحم، ويوفِّق بينهم، ويذكِّرهم صلةَ الرّحم وما لها عند الله من الثواب، ويأمر الجميعَ بالصّبر والتّحمُّل وعدم اللّجوج في النّزاع ولا سيّما في الأمور المادّية التافهة، فيحذِّرهم من قطيعة الرّحم، ويسعى بالتوفيق، ويقرِّب بينهم ما استطاع لذلك سبيلاً.

أخي المسلم، فقد يكون بين الإخوة أشقّاء أو نحوه نزاع، وقد يكون بين الأب وأبنائه إلى غير ذلك، فذو التّقى يصلح ويوفِّق ويرشِدُ إلى صِلة الرحم، ويحذِّر من القطيعة ونتائجها السيّئة في الدنيا والآخرة.

أيّها المسلم، والأخوان المسلمان قد يختصمان ولو كانا بعيدَي الرحم، لكن أخوّة الإسلام تجمعهما، فالمسلم يسعى في الإصلاح ما استطاع لذلك، فإنّ هذا خلُقٌ حميد، ونبيّنا كان يصلِح بين الجماعات وبين الأفراد، ويحثُّ كلاًّ على الخير والصبر والتحمُّل.

أيّها المسلم، إنَّ سعيك في الإصلاح بين المتخاصمَين ولا سيّما الرحم خُلُق كريم وصدقةٌ وعملٌ صالح، في حديث أبي الدّرداء يقول : ((ألا أنبِّئكم بما هو أفضل من درجة الصوم والصّدقة والصّلاة؟)) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((إصلاحُ ذاتِ البين، فإنّ فسادَ ذاتِ البَين هي الحالقة، لا أقول: تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين))(2)[2]. إذًا فالساعون في الإصلاح هم في صدقةٍ وعمَل صلاح في أقوالهم وأعمالهم إن علِم الله منهم حسنَ النية وإخلاصَ العمل لله.

أيّها المسلم، ولمّا كان الإصلاح عملاً صالحًا يحبّه الله أباح لنا نبيّنا أن نتوسَّل بالكذب لأجل الإصلاحِ بين الناس، فيقول فيما صحَّ عنه: ((ليس الكذّابُ الذي يُصلح بين الناس فينمِي خيرًا أو يقول خيرا))(3)[3]، فليس هذا بكذّاب إذا كذب كِذبةً يريد بها الإصلاحَ بين المتنازعَين ولا سيما الرّحم، ويذكر لهذا حبَّ هذا له وموالاته له، وكراهيته لذلك النّزاع، ويُلقي على الآخر كذلك، فتلك كِذبة في مصلحةٍ ولأجل عملٍ طيّب، فأبيح الكذبُ في ذلك، وفي لفظٍ تقول الصحابيّة: لم أسمع النبيَّ يرخِّص في شيء ممّا يقوله النّاس إلا في ثلاثةٍ: في الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديثِ الرجل امرأتَه والمرأة زوجَها(4)[4]. إذًا ـ أخي ـ فلو كذبتَ لمصلحةٍ تريد بها لمَّ الشّعث، تريد بها تقريبَ وجهة النظر، تريد بها استئصالَ دَاء النّزاع، فإنّه مباحٌ لك الكذِب في ذلك لأجلِ الوصول إلى الغاية وهي إصلاح ذات البَين والتوفيق بين المتخاصمين.

أخي المسلم، إنّ شريعةَ الإسلام جاءت بالحثِّ على الإصلاح ولا سيّما في جانب القضاء، فالقضاءُ بين ذوي الرّحم يَسلك فيه القاضي الموفَّق الطريقةَ السليمة، فيجعل الرحمَ متواصلين ولا يجعلهم متقاطعين، يجعلهم متحابِّين ولا يجعلهم متباغضين، يسعى في رأبِ الصّدع، يسعى في جمع الكلِمة، يسعى في وحدةِ الصفّ، يسعى في التّوفيق ما وجد لذلك سبيلاً، ولذا كتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعريّ يقول له: (أرجِئوا فصلَ النزاع بين المتخاصمَين؛ فإنّ فصلَ القضاء يوجب الضغائنَ بينهما)(5)[5]، فإذا حكمتَ لقريبٍ على قريبه، وأدَنتَ هذا ورجّحتَ جانبَ هذا، اتَّخذ موقفًا قاسيًا من أخيه، واستمرّت العداوة والبغضاءُ والقطيعة، لكن إذا أرجأتَ الفصلَ بينهما وحاولتَ مرّةً بعد مرّة عسى أن يسأمَا النّزاع، ويعودا إلى الرّشد والمحبّة، فذاك المقصدُ الأسمى من هذه المهمّة.

أيّها المسلم، فلا تعجَز عن الإصلاح، ولا تقُل: النّاس وشأنهم، وكلٌّ يُصلح نفسَه، وكلٌّ يدافع عن حقّه. لا، بل المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضُهم إزرَ بعض، ويواسي بعضهم بعضًا، ويتألّم بعضهم لألم البعض.

أسأل الله أن يصلحَ القلوبَ والأعمال، وأن يجعلنا وإيّاكم ممَّن وُفِّق للخير وهُدي سبيلَ الرشاد.




فيا أيّها الناس، اتّقوا الله تعالى حقَّ التقوى.

عباد الله، في يومِ القيامة تكونُ الخصومةُ بين الغرماء بين يدَي ربِّ العالمين، في الحديث: ((مَن كان لهُ عند أخيه مظلمة فليتحلَّل منه اليومَ قبل أن لا يكونَ دينار ولا دِرهم، إن يكن له حسنات أخِذ من حسناتِه، وإن لم يكن له حسناتٌ أخِذ من سيّئات مَن ظلمه، فطُرحت عليه ثمّ طرِح في النّار))(6)[1].

ومِن كمال كَرم ربِّنا وفضلِه وإحسانه أنّه تعالى يصلِح بين المتخاصمَين في ذلك اليوم العظيم، فيرضي المظلومَ حتّى يعفوَ عن ظالمه كرَمًا منه وجودًا.

بينما النبيّ جالسٌ بين أصحابه إذ ضحِك، فسأله عمر عن ذلك، فقال: ((في يومِ القيامةِ يجثو اثنان بين يدَي الله: ظالمٌ ومظلوم، فيقول المظلوم: يا ربِّ، خُذ مظلمَتي من هذا الظالِم، فيقول الظّالم: يا ربِّ، وأين هو وقد ذهبت الدنيا بأسرها؟! ـ أين أعطيه؟ ليس عندي ما أرضيه اليوم، الدّنيا انقضت ونحن في ذلك الموقف العظيم ـ، فيُصرُّ المظلوم على طلبه، فيقول الله له: ارفع رأسَك، فيرفع رأسَه، فإذا قصرٌ من ذهَب موشَّح باللؤلؤ، فيقول: يا ربّ، لمن هذا القصر؟ قال: تملِك ثمنَه، قال: وما ثمنُه؟ قال: تعفو عن ظالمِك، قال: يا ربّ، قد عفوتُ عنه، قال: خُذ بيده فادخُلا الجنّة))(7)[2]، فضلاً من ربّنا وكرمًا.

إذًا فيا أخي، اسعَ في الإصلاح، ويا أيّها المسلم، لِن في يدِ إخوانِك، وتداركِ الأمور، ولا تستقصِِ كلَّ الأشياء، ففي الإصلاحِ خير، وكَفٌّ للنزاع، وحَسمٌ لاستمرار القطيعة بين المسلمين، هكذا فليكن المسلمون.

أسأل الله للجميع التوفيق والسدادَ لكلِّ ما يحبّه الله ويرضاه.

واعلموا ـ رحمكم الله ـ أنّ أحسنَ الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمّد ، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإنّ يد الله على الجماعة، ومن شذّ شذّ في النار.

وصلّوا ـ رحمكم الله ـ على محمّد كما أمركم بذلك ربّكم قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].

اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد، وارضَ اللهمّ عن خلفائه الرّاشدين...

__________

(1) أخرجه البخاري في الجهاد (2891، 2989)، ومسلم في الزكاة (1009) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وليس فيه ((وأمرٌ بمعروف صدقة، ونهيٌ عن منكر صدقة))، وهذا الجزء أخرجه مسلم في صلاة المسافرين (720) من حديث أبي ذر رضي الله عنه.

(2) أخرجه أحمد (6/444)، وأبو داود في الأدب، باب: في إصلاح ذات البين (4919)، والترمذي في صفة القيامة (2509) من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، وقال الترمذي: "حديث صحيح"، وصححه ابن حبان (5092)، والبزار كما في نصب الراية (4/354)، وابن حجر كما في فيض القدير (3/106)، ورمز له السيوطي بالصحة، وصححه الألباني على شرط الشيخين، انظر: غاية المرام (414).

(3) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب: ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس (2692)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب: تحريم الكذب وبيان المباح منه (2605) من حديث أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها.

(4) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب: تحريم الكذب وبيان المباح منه (2605) عن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها.

(5) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (8/303)، وابن أبي شيبة (4/534) بلفظ: (ردوا الخصوم حتى يصطلحوا)، وضعفه ابن حزم في المحلى (8/164).

(6) أخرجه البخاري في المظالم (2449) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بنحوه.

(7) أخرجه الحاكم (8718) من حديث أنس رضي الله عنه بنحوه، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وقال الذهبي: "عباد ضعيف، وشيخه لا يعرف"، وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (1469).

(1/2817)

0 التعليقات:

إرسال تعليق